تنطلق العديد من المبادرات التكافلية في الأعياد والمناسبات الدينية والوطنية بالمغرب، من بينها مبادرات شراء خروف عيد الأضحى للأسر المعوزة، أملا في إدخال السرور على قلوب أفرادها، واحتسابا للأجر يومَ لا يكون جزاء الإحسان إلا الإحسان. لكن صفاء نيات العديد من المتطوعين والمحسنين لا يمنع البعض من استغلال مثل هذه المناسبات من أجل بناء رأسمال رمزي يستغله فيما بعد في التأثير بشكل مباشر في اختيارات المواطنين السياسية. مبادرة عفوية انطلقت بمدينة مكناس مبادرة لجمع التبرعات عبر تدوينة "فايسبوكية" تحث على شراء الأكباش لمعوزي حي البساتين، فوصل عدد المستفيدين، اليوم، إلى سبع عائلات بمبلغ يقدر ب12500 درهم. عماد العلوي الحنفي، صاحب مبادرة "كلنا معيدين"، قال إن فكرة المبادرة في البداية كانت: "لماذا لا يجتمع 200 شخص ب20 درهما للفرد، ونجمع 4000 درهم ونعطيها لعائلتين؟"، ثم أضاف: "بارك الله تعالى فوصلنا إلى 7 عائلات". وأوضح عماد أنه بعدما وجدت المبادرة تفاعلا "خلق عشرون شخصا مجموعة على "الفايسبوك"، وفكرنا أنه بعشرين شخصا لا يمكن أن نصل إلى الهدف الذي رسمناه، فقلت إما أن يجمع كل فرد عشرة أشخاص آخرين، أو أن يُحضر 200 درهم، وكذلك كان". المبادرة أعطت الأولوية للعائلات التي تسكن بحي البساتين بمكناس، وكذا الأرامل اللواتي يعلن أكبر عدد من الأطفال وليس لهن دخل قار، إضافة إلى الأسر التي ليس لها سكن قار، مع فتح الباب لعموم الناس من أجل اقتراح الأسر الأكثر استحقاقا، في عمل "ليس جمعويا ولا سياسيا، بل هو عمل تطوعي تكافلي بين شباب البساتين"، يقول عماد. عمل إنساني منظم وبطنجة أطلقت جمعية "العون والإغاثة" حملة إحسان عمومي تحت شعار "بفرحتهم...عواشركم مبروكة"، التي تهدف إلى توفيرَ 1500 أضحية عيد لفائدة 1500 أسرة أيتام، و1500 قفة للمواد الغذائية. مصطفى بوكور، رئيس الجمعية، قال إن "الفئة المستهدفة من الحملة فئة قارة نشتغل معها منذ 10 سنوات إلى 15 سنة، وليس مع أناس لا نعرفهم، ونحن نقوم بجهد مضاعف في رمضان والعيد الأضحى والدخول المدرسي، حتى لا يحسوا بالفقر". وأشار بوكور إلى أن مردود جمع التبرعات "كان جيدا جدا"، مضيفا "في تجربتنا مع المغاربة، عندما يكون المشروع واضحا، وعندما تكون لغتنا واضحة، بهدف واضح، وتعطي نتائج من بعد، تنشأ الثقة". وأكد بوكور أن "جمعية "العون والإغاثة" ضد الفكرة التي تقوم على جمع الناس مرة في السنة، لأنه إذا أعطيتك خروفا في السنة ستبقى دائما في حاجة إلى خروف، ولن تحل مشكل الفقر ولا أي شيء". واسترسل موضحا أن "سؤالي الأثر ومدى المساهمة في التنمية يجب أن يطرحا في الجمعيات الخيرية، بعيدا عن العاطفة التي لا تحل الإشكالات، والحماس الذي يكون في البداية". ويرى رئيس جمعية "العون والإغاثة" أن توزيع الخرفان كان أكثر صعوبة هذه السنة بسبب ما وقع في الصويرة من تدافع. وزاد قائلا إن "دور الدولة هو تسهيل المساطر أكثر؛ لأن عمل جمعيات المجتمع المدني مهم جدا ومكمل لعمل مؤسسات الدولة، بينما يحتاج عمل الفاعلين الجمعويين الحكامةَ في الإدارة، والتوثيق، واستعمال وسائل الإعلام الحديثة، ووسائل التواصل الحديث". مآرب أخرى ورغم حرص العديد من المبادرات على المساهمة في حل معضلة الفقر، وتنمية المجتمع، وإدخال السرور والفرحة على قلوب الناس، فإن بعض المبادرات تستبطن أهدافا أخرى. المحامي إسحاق شارية كتب في تدوينة على صفحته الرسمية على "الفايسبوك" أن سياسيا متحزبا من مدينة المضيق يوزع 200 كبش بمرتيل. ونفى شارية، في اتصال مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن يكون الأمر متعلقا بعملية إحسانية، مضيفا أن هذا العمل "يقوم به سياسي على بعد أسبوع من الانتخابات الجزئية". ورفض شارية ذكر اسم السياسي وانتمائه الحزبي حتى تكون لديه "معطيات وافية حول الأمر"، حسب تعبيره.