رغم التحولات التي طرأت على مجموعة من العادات والتقاليد الخاصة بعيد الأضحى في المجتمع المغربي، وخصوصا في قبائل الجنوب الشرقي للبلاد، لا تزال ثلاث قبائل أمازيغية كبيرة معروفة بالجنوب الشرقي، ممثلة في قبائل آيت عطا وآيت مرغاد وآيت حديدو، متمسكة بتقاليد إحياء طقوس عيد الأضحى كما كان الأجداد يحيونها. وتختلف عادات وتقاليد الشعب المغربي في الاستعداد لعيد الأضحى الكريم، أو "عيد نتفسكا" بالأمازيغية، من قبيلة إلى أخرى، فقبيلة المشان، التابعة لقبيلة آيت عطا، مثلا، لها الكثير من العادات والتقاليد المتوارثة في هذه المناسبة الدينية، التي تميزها عن غيرها من القبائل الأخرى، والتي لم تغير الأيام ولا السنون منها شيئا، إذ تحرص على إحيائها كل عام. المشان قبل العيد في بداية العشرة الأوائل لشهر ذي الحجة، تنطلق استعدادات الاحتفال بعيد الأضحى بجميع طقوسه وتقاليده الراسخة، حيث يعتبر هذا العيد مناسبة للمسافرين من أهل قبيلة المشان وغيرها لإحياء صلة الرحم مع أهلهم وذويهم، فيما تستعد ربات البيوت لتحضير بعض الحلويات وغيرها من الأمور التي أصبحت ضرورية في مائدة العيد. وفي هذا الإطار، تقول سعدية قابوري، ربة بيت من صاغروا، إن "أيام عيد الأضحى تعد من أفضل الأيام عند الله، واستغلال هذه الأيام المباركة فرصة لا تعوض من أجل التقرب إلى الله"، مشيرة إلى أن تقاليد عيد الأضحى لدى قبيلة المشان لا تزال تقريبا كما كانت في السابق. وأضافت أن "العائلات والأسر تجتمع في هذه المناسبة، والفرحة تغمر الجميع بقدوم العيد"، مبرزة أن "هذه الفرحة لا تكتمل إلا بممارسة طقوس وعادات لتكريم الأضحية". وأردفت سعدية، في تصريح لجريدة هسبريس، أن من عادات قبيلة المشان قبل العيد اقتناء اللباس الجديد الذي يليق بالمناسبة الدينية، واقتناء جميع أنواع التوابل، وغيرها من الأمور التي يحتاجها المطبخ في مثل هذه الأيام، مشيرة إلى أن "أغلب سكان قبيلة المشان لا يقتنون أضحية العيد من الأسواق، فأغلبهم يقومون بتربيتها، نظرا إلى كون أغلب سكان القبيلة كانوا في السابق من الرحل الرعاة". من جهته، أكد سعيد آيت داود، من ساكنة إغنسلن بجماعة إكنيون، أن فرحة العيد تبدأ بمجرد وصول مسافر من الخارج أو إحدى المدن المغربية، موضحا أن "المسافر يقوم بتوزيع الحمص و"القرشلات" على أبناء المنطقة التي يقطن بها، وغالبا ما يكون منزله في الأيام الأولى محجا لعدد كبير من أبناء منطقته لنيل نصيبهم من الحمص وغيره من هدية السفر"، قبل أن يستدرك بأن هذه الفرحة اختفت وغابت عن الأجيال الحالية. نحر الأضحية ولأن ذبح الأضحية من أوجه التقرب إلى الله، والامتثال لأوامره، فسكان قبيلة المشان يحيطون الذبيحة بهالة من التكريم، حيث تبادر النسوة إلى تزيين جبين الأضحية بالحناء، ووضع الكحل على عينيها، وقبل النحر يلتئم أفراد العائلة أو الأسرة بالقرب من الأضحية، ويتبادلون التحية وتهنئة العيد مرة أخرى، ويأملون أن يكون عيد السنة المقبلة خيرا من هذا العيد: "اذ ياف العيد نيمال وين اسكاسدغ". ويذكر حمو أوعدي، وهو من سكان دوار تمارغين بجماعة تزارين بإقليم زاكورة، أن من التقاليد التي ما زالت قبيلة المشان تحتفظ بها إخفاء سكين الذبح قبل نحر الأضحية، حتى لا تراه الأضحية. وزاد: "يتكلف كبير العائلة أو الأسرة بعملية نحر الأضحية، بمساعدة الباقين"، مشيرا إلى أن "النسوة يقمن بتنظيف الأحشاء". وأضاف أن "هذا العيد يتعاون فيه الصغير والكبير، والنساء والرجال، كل حسب المهمة الموكولة إليه". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أغلب سكان قبيلة المشان يتركون أضحية العيد بعد نحرها وسلخها معلقة حتى الليل، مشيرا إلى أنهم يستعينون بلحم ما ذبحوه في يوم عرفة، أي اليوم السابق للعيد. ويوضح أن أضحية العيد يتم توزيعها على ثلاثة أيام، بالإضافة إلى ما يتصدقون به. جمع جلود الأضاحي ومن العادات الراسخة في هذه المناسبة الدينية جمع جلود الأضاحي من أجل بيعها واستغلال أموالها في إصلاح مسجد أو مساعدة مريض أو محتاج. وفي هذا السياق، يوضح جمال الدين الحمداوي، إمام مسجد بصاغروا، أن جمع جلود الأضحية واستغلال أموالها في فعل الخير يعد أجرا كبيرا، مؤكدا أن هذه المبادرة يجب تعميمها على الصعيد الوطني. ويكون عيد الأضحى كذلك مناسبة لتبادل الزيارات بين الأقارب والجيران وأهل المنطقة. ويوضح لحسن آيت إبراهيم، من قبيلة المشان، أن هذه المناسبة دينية ويحاول العبد التقرب من خلالها إلى الله. وأضاف أن الأولوية في زيارة العيد لدى غالبية المشان تعطى للفقراء والمحتاجين ومن فقد أحد أفراد أسرته في وقت ليس ببعيد، مشيرا إلى أن عيد الأضحى يعد مناسبة لتصالح المتخاصمين.