بعد أن اشتدّت وتيرة تدفّق المهاجرين القادمين من الدول الإفريقية جنوب الصحراء على أوروبا، انطلاقا من المغرب، بدأت المساعدات المالية القادمة من الدول الأوروبية المعنية بتدفق المهاجرين تتدفق على المملكة، خاصة بعد مصارحة الرباط للاتحاد الأوروبي بضرورة تقديم دعم مالي لمواجهة تدفق المهاجرين، حددته في 60 مليون أورو. وسارع وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، إلى إعلان زيارة وشيكة له إلى كل من المغرب وتونس والجزائر، حاملا معه دعما ماليا بقيمة مليار دولار، ستستفيد المملكة من جزء منه، من أجل دعم اقتصادها، وتوفير فرص الشغل، بهدف الحد من المهاجرين الراغبين في العبور إلى الأراضي الأوروبية، انطلاقا من المغرب. القبول الضمني للمغرب بلعب دور "دركي الحدود" بين القارة الإفريقية والأوروبية، مقابل حصوله على دعم من الاتحاد الأوروبي، يطرح أكثر من سؤال حول مدى قدرة المملكة على احتواء أعداد المهاجرين الذين يفدون عليها بشكل مكثف، وإدماجهم في المجتمع المغربي، إذا أرغموا على التخلي عن فكرة الهجرة واستقروا في المغرب. يقول صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء، إن استقرار المهاجرين القادمين من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء له تداعيات إيجابية وسلبية، لكنه أكّد أن الجانب السلبي يغلب على الإيجابي في هذه العملية، نظرا لأنّ المغرب لا يحتاج إلى يد عاملة وافدة، كما أنّ تركيبته السكانية تطغى عليها فئة الشباب، ولا تحتاج إلى استقبال مهاجرين، كما هو الحال بالنسبة للدول الأوروبية، التي تعاني ساكنتها من الشيخوخة. وكان المغرب بادر، سنة 2013، إلى إطلاق عملية تسوية وضعية المهاجرين المقيمين في المملكة في وضعية غير قانونية؛ وذلك في إطار سياسته الجديدة في مجال الهجرة واللجوء. وأسفرت العملية عن تسوية وضعية حوالي 40 ألف مهاجر أغلبهم من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء. وقال صبري الحو إنّ المغرب بنهجه هذه السياسة الفريدة في مجال الهجرة واللجوء يفعّل التزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان، وينسجم مع سياسة في الانفتاح على الجوار الإفريقي، مشيرا إلى أن المملكة أصبحت تتحمل عبئا إضافيا في التدبير التعاوني للهجرة بينها وبين الاتحاد الأوروبي، لكونها تتولى مراقبة الحدود، لمنع المهاجرين من بلوغ أراضي الدول الأوروبية. وأكد المتحدث ذاته أنّ تخفيف العبْء الذي باتَ يتحمّله المغرب يقتضي تقديم إعانات مالية له من طرف دول الاتحاد الأوروبي، من أجل مساعدته على تمتيع المهاجرين الذين يسوّي وضعيتهم القانونية بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بما يتلاءم والتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان، وزاد: "إذا لم يحصل على ما يكفي من الموارد المالية فإنّه سيجد نفسه في مأزق حقيقي"