منذ اعتلائه العرش سنة 1999، أعطى الملك محمد السادس أهمية كبرى للنساء المغربيات وترسيخ مكانتهن العالية وضمان حقوقهن المشروعة إلى جانب الرجل، مما يجعلهن يتمتعن بحقوق وحريات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية تعزز قدراتهن وتدفع عنهن الهشاشة والفقر وتشجعهن على السير قدما للمساهمة في تنمية البلاد. وجعل الملك محمد السادس، الذي استوفى اليوم 19 عاما على جلوسه على العرش، من مبادرات تنموية وتشريعية وسيلة للنهوض بأوضاع المغربيات، بدءا بمدونة الأسرة، والعمل على دسترة المناصفة والمساواة بين الجنسين، وإخراج قانون يحمي النساء المعنفات، وتمكين السلاليات من حقهن في أراضي الجموع، وغيرها من المحطات التي ساهمت في إقرار حقوق النساء بالمغرب. ولعل من أهم المبادرات الملكية الرامية إلى إنصاف المغربيات وإقرار حقوقهن، تنصيص دستور 2011 على مبدأ المساواة بين الجنسين، وتمتع الرجل والمرأة على "قدم المساواة" بالحقوق والحريات الواردة في الفصل 19 من الدستور، وتحقيق مبدأ المناصفة الذي ناضلت من أجله الحركة النسائية. ومن الدلالات القوية على اهتمام العاهل المغربي بحماية حقوق النساء الصحية والاجتماعية، تدخله لحسم الجدل بشأن الإجهاض في المغرب، حيث دعا إلى تقنينه عبر صياغة قانونية استحضرت الرؤى الوضعية وكذا تعاليم الشريعة الإسلامية. كما دعا إلى إخراج قانون خاص بحماية النساء من العنف، وهو القانون الذي عرف معركة تاريخية وطويلة، انتصرت فيها "قضية المرأة" في النهاية. منعطف قوي آخر، شكل طفرة لحضور المغربيات في مجال القضاء بكل مشاربه، حيث فتح الملك محمد السادس بشكل حاسم مهنة "العدول" أمامهن، وهو ما مكن المغربيات، لأول مرة في تاريخ المغرب، من تقلد هذا المنصب، الذي كان حكرا على الرجال، بعد نجاح أول فوج يضم 299 امرأة عدلا. كما أنه لأول مرة في تاريخ المغرب، استطاعت النساء السلاليات أن يكسرن جدار الأعراف السميك، الذي ظل يحُول بينهنّ وبين الاستفادة من نصيبهنّ في أراضي الجموع، على غرار الرجال، بعد إصدار وزارة الداخلية دورية تتعلق بإعطاء حقّ الانتفاع للنساء السلاليات في الأراضي الجماعية. ليلى أميلي، رئيسة جمعية "أيادي حرة" ومنسقة شبكة "ثائرة" بالمغرب، قالت في تصريح لهسبريس: "لا بدّ أن نكون مسرورات من كل ما تمّ تحقيقه في عهد الملك محمد السادس، بتحقيق المرأة عددا من المكاسب، انطلاقا من مدونة الأسرة، مرورا بعدد من القوانين والامتيازات التّي منحت للنساء، ووصولا إلى تقلد المرأة مناصب قضائية كانت، حسب العرف، حكرا على الرجال". وأوضحت ليلى أميلي أنّ "هذه المكتسبات، التي جاء بها دستور 2011، تعطي خصوصية للمرأة المغربية كإخراج قانون العنف ضدّ النساء، وهيئة المناصفة، ومكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتمكين أزواج المغربيات الأجانب من الجنسية المغربية تأسيا بحق المغربي في منح الجنسية لزوجته الأجنبية". وأضافت أن "هناك قوانين مهمة تمّ إخراجها بفضل العاهل المغربي من أجل النهوض بحقوق النساء، لكن ما زلنا نعاني من تطبيق هذه القوانين على أرض الواقع، وتبسيطها للمواطن"، مشيرة إلى أن "الإشكال الذي نعيشه هو تمرير بعض التيارات مغالطات تسيء إلى فعالية هذه القوانين". واسترسلت قائلة: "كفانا من المغالطات، وحان الوقت لنعيش حياة آمنة تحترم كرامة النساء والحقوق الإنسانية للنساء". ومن جملة الإصلاحات التي شملت حقوق النساء، تبرز أميلي "قانون العنف ضدّ النساء، الذي ناضلنا من أجله منذ 2006، والذي قدّم إجابات قوية لقضايا العنف ضدّ النساء وحمايتهن من العنف، إلى جانب حكمة الملك في حلّ إشكالية الإجهاض السري، وتنصيصه على إحداث هيئة المناصفة، التّي ما زلنا نطمح إلى تشكيلها من طرف أشخاص أكفاء مستوعبين لقضايا النساء، وإحداث لجنة لليقظة في الأقاليم والجبال والقرى لتبسيط عدد من القضايا لسكانها".