كان شارع محمد الخامس بالعاصمة الرباط، صباح اليوم الأحد، على موعد مع مسيرة التضامن مع معتقلي حراك الريف المحكوم عليهم بأحكام متفاوتة أكبرها 20 سنة؛ إذ تقاطر الآلاف على ساحة باب الأحد، منذ الصباح الباكر، لخوض مسيرة المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين ورفع العسكرة عن الريف، مُعلنين بصوت واحد مُشاركتهم عائلات قادة الحراك محنة الأحكام الصادرة في حق أبنائها. المسيرة التي حضرها الآلاف كانت شبيهة بمسيرة البيضاء رغم مشاركة جماعة العدل والإحسان فيها؛ إذ شهدت حضور العديد من الأوجه السياسية اليسارية والأمازيغية والإسلامية، تتقدمها قيادات الجماعة، وفيدرالية اليسار الديمقراطي، والنهج الديمقراطي، والحركة الأمازيغية، واضطرها إرث مسيرة 8 يوليوز، إلى التجمع بشكل متفرق، حسب الاصطفافات الأيديولوجية، باستثناء القيادي النهجاوي عبد الله الحريف، الذي اختار أعضاء الجماعة سندا له في المسيرة. وصدحت المسيرة، بحضور كل عائلات المعتقلين، بشعارات تُعيد حراك الريف إلى الأذهان من قبيل: "لا للعسكرة لا للعسكرة"، و"عاش الريف ولا عاش من خانه"، و"الحرية الحرية .. للمعتقل السياسي"، و"بغا الكرامة والخدمة .. عطيه 20 عام"، مع رفع أعلام أمازيغية وريفية وصور المعتقلين، وضمنها صورة الصحافي حميد المهداوي. واختارت عائلات المعتقلين ارتداء الأسود وحمل صور المعتقلين، معلنة بشعارات بالأمازيغية والدارجة تشبثها بالحرية لأبنائها وببراءتهم من المنسوب إليهم، معتبرة ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق ومحمد جلول، وبقية السجناء، أبطالا كبارا قاموا في وجه التهميش والظلم الذي طال الريف المغربي. وفي السياق ذاته، قال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان: "بمجرد طلب المعتقلين وعائلاتهم لمسيرة، استجابت كل التنظيمات السياسية للمطلب"، معتبرا "موضوع معتقلي حراك الريف موحدا لجميع أطياف الشعب المغربي، لأن الظلم مرفوض من قبل الكل رغم الاختلاف". وأضاف أرسلان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "ملف المعتقلين عرف خروقات منذ بدايته، وتعاملت معه الدولة بشكل سياسي"، وزاد: "خروجنا هو تنديد بالتعامل الذي طال المعتقلين، وكذا استمرار المقاربة الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات الشعبية الاجتماعية". بدورها، أوردت نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، أنها مع حراك الريف منذ بداياته "نظرا لمشروعية مطالبه التي تنشد النهضة وإقرار الحقوق وجبر الضرر، ولذلك خرجنا في مسيرة 8 يوليوز الناجحة، واليوم أيضا نخرج تلبية لنداء المعتقلين وعائلاتهم". وطالبت منيب، في تصريح لهسبريس، "الدولة المغربية بخلق انفراج سياسي في البلاد"، معتبرة إطلاق سراح المعتقلين "هو المدخل الذي سيوصلنا إلى الاستقرار والأمن والنموذج التنموي الكفيل بضمان الحقوق للجميع". وقال مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي: "بعد مسيرة 8 يوليوز، جاءت اليوم مسيرة كل القوى الحية والمناضلة لتقول للدولة كفى من المقاربة الجنائية والبوليسية"، مشيرا إلى "ضرورة إطلاق سراح معتقلي الحراك، والتفاوض معهم". وأضاف البراهمة، في تصريح لهسبريس، أن "الشعب المغربي لن يقبل أن تتم مرة أخرى محاولات تركيعه"، مشيدا بشعارات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، "التي لن تتخلى عنها المسيرات إلى حين تحققها". من جهته، رحب أحمد الدغرني، مؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور، "بعائلات والمعتقلين وبالجماهير التي جاءت إلى الرباط"، وطالب ب"إطلاق سراح المعتقلين، وفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية"، معتبرا أن "مسيرة الرباط التضامنية مع معتقلي حراك الريف تأتي لحماية رغبات الريفيين في التجمع، والتعبير عن مطالبهم".