جمع تقرير اليونيسكو الخاص ب"تحديد الاتجاهات العالمية على صعيد التعبير في وسائل الاعلام" ثلة من الأكاديميين والمُمارسين، بالعاصمة الرباط، للتداول في الصعوبات التي تَعتَري العمل الصحافي في العالم، على ضوء التقرير الذي عالج قضايا حرية الصحافة والاستقلالية والتعددية، وكذا سلامة الصحافيين أثناء مزاولتهم لعملهم. التقرير الذي عُرِضَ برحاب المعهد العالي للإعلام والاتصال، مساء أمس الخميس، ناقش "تَوْفِيرَ الأدوات لرصد وضع الصحافة على الصعيد العالمي من حيث الانتفاع بالمعلومات واحترام حرية التعبير، واستند إلى دراسات إقليمية تُظهر التغيرات التي حصلت مُقارنة بالتقرير الأول، خصوصا على مستوى التشريعات القانونية التي زادت من تكبيل حرية الإعلام". وسجل التقرير، في ما يتعلق بتعددية وسائل الإعلام، "حدوث زيادة كبيرة في كم مصادر المعلومات، لكن مع تركيز ملكية وسائل الإعلام في يد ثلة قليلة من الجهات؛ ما يُثِيرُ مخاوف شديدة، حيث تعمل على الدعاية ونشر الأخبار المُضَلِلَّة"، مضيفا أن "هناك حالة انحسار للتقدم على صعيد تحقيق المساواة بين الجنسين، سواء في ما يتعلق بالمضامين الإعلامية أو الموظفين في المؤسسات الإعلامية". وأشار التقرير إلى أن "التوجهات السياسية الجديدة فرضت ضغوطا على حرية التعبير، أبرزها صعود التيارات الشعبوية، وكذا انتشار مفاهيم مثل الأمن القومي، التي تفرض مزيدا من الرقابة على المحتوى الرقمي، حيث لا تكتفي بنزع المضامين المتطرفة والداعية إلى الكراهية، بل حتى الآراء السياسية المشروعة". وأبرز المصدر ذاته "حاجة الجميع إلى صحافة مُستقلة ومهنية قادرة على تقديم معلومات ممكن التحقق منها، وصالحة لأن تخدم مناقشات عمومية فعالة"، مضيفا أن هناك معيقات كثيرة لاستقلالية الصحافة يبرزها بشكل أساسي تراجع ثقة الجمهور في وسائل الإعلام، لكنه استدرك: "هناك استقلالية كبيرة لدى الصحافيين في التعاطي مع الأخبار خارج سياسات التحرير". وأردف التقرير أن "530 صحافيا قتلوا بين عام 2012 و2016، بمعدل وفاتين كل أسبوعين، وسجلت منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط أعلى رقم ب191 صحافيا، منبها إلى أن 9 من أصل 10 دعاوى قضائية يَرْفعُها الصحافيون ضد معتدين عنهم تتعرض للإهمال". وفي تفاعله مع معطيات التقرير، أورد عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، أن "المجتمع الدولي مطالب بالبحث عن آلية رادعة تضمن حماية الصحافيين"، ودعا إلى "منحها لجهاز دولي يكون صوته حاسما على مستوى البت في القضايا". وأضاف البقالي في كلمته: "كلما أثير موضوع حماية الصحافيين، تأتي الأسئلة من كل الجهات، وتطرح الطريقة المناسبة وهوية المسؤول المباشر عن الحماية"، مقترحا تكليف تنظيم في المنطقة بالبت في المسألة، مستبعدا جامعة الدول العربية "التي فقدت قوتها"، على حد قوله. وزاد المسؤول النقابي المغربي أن "الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون، في مجملها، تأويلات فردية تنتمي إلى عقلية تقليدية تخاف من الصحافي، وليست ممنهجة أو منظمة".