كشفت أرقام رسمية صادرة عن مكتب تنمية التعاون، التابع للحكومة، أن 20 ألف تعاونية من أصل 40 ألف تعاونية بالعالم العربي تُوجد بالمملكة المغربية؛ لكن الانخراط فيها لا يزال ضعيفاً مقارنة بمستويات أوروبا. وجاءت هذه الأرقام الخاصة بالمملكة المغربية تزامناً مع اليوم العالمي للتعاونيات الذي يُحتفل به في سابع يوليوز من كل سنة، وقد اختارت الأممالمتحدة موضوع "مجتمعات مستدامة من خلال التعاون" لهذه السنة. وتفيد أرقام مكتب تنمية التعاون، المكلف بتنفيذ السياسة الحكومية في مجال التعاونيات، بأن المغرب يتوفر على ما يقارب حوالي 600 ألف متعاون، أي 1.76 في المائة من مجموع السكان و5 في المائة من الساكنة النشيطة. ويبقى هذا الرقم مهماً مقارنة مع واقع التعاون في بعض الدول المتقدمة، حيث تتوفر النرويج على مليونيْ متعاون من 4.8 ملايين من مجموع السكان، أي أن 50 في المائة من السكان أعضاء تعاونيات. ويعرف المغرب عدداً من الممارسات التضامنية والتعاضدية التي تعد جزءًا لا يتجزأ من تقاليده، من تويزة وأكادير والعكوك إلى الشرد والوزيعة والخطارات، وهي تختلف بحسب المناطق وطبيعة الأنشطة. وفي الجارة الشمالية للمغرب، فإن 15 في المائة من السكان بإسبانيا أعضاء تعاونيات، وفي كندا 4 من 10 من السكان أعضاء تعاونيات، فيما 70 في المائة من سكان كيبيك متعاونون، في حين تتوفر ألمانيا على 20 مليون عضو ب 7500 تعاونية في البلد. وفي العالم العربي، تظهر الأرقام ضعيفة؛ فهناك ما مجموعه 16 مليون متعاون، ويمثل المغاربة منهم فقط 3.75 في المائة بالرغم من احتضان المملكة ل50 في المائة من عدد التعاونيات في العالم العربي. وعلى الرغم من توفر المغرب على 20 ألف تعاونية من أصل 40 ألفا في العالم العربي، فإن عدد أعضاء التعاونيات لا يزال ضعيفاً؛ وهو الوضع الذي تحاول الحكومة تداركه بالرفع من عدد المتعاونين والتشبيك على مستوى التعاونيات، إذ إن المغرب لا يتوفر سوى على 110 اتحادات تعاونيات. وتكتسي اتحاد التعاونيات أهمية بالغة، فهي تساعد على تكثيف الجهود لتنمية العمل التعاوني وتطويره، باعتباره مرتكزاً أساسياً في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني للمساهمة في الناتج الداخلي الخام. وتراهن الدولة على تنمية قطاع التعاونيات، والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بصفة عامة، بإيلاء الاهتمام أكثر للتسويق والتمويل وتأهيل العنصر البشري؛ وهو ما ستتضمنه الاستراتيجية الوطنية الجديدة في أفق سنة 2028 المرتقب إعدادها. وتؤكد الأممالمتحدة على أهمية التعاونيات لمعالجة التفاوت في الدخل في جميع أنحاء العالم، وتعتبر أن النموذج التعاوني هو في المقام الأول من بين النماذج التي تشتمل على جوانب التنمية المستدامة في جوهرها، فضلاً عن كونه قائماً على القيم والمبادئ الأخلاقية. كما تتميز التعاونيات، حسب الأممالمتحدة، بالاستدامة وقدرتها على التكيف من خلال قيمها ومبادئها وهياكل حوكمتها، فضلا عن اهتمامها بالمجتمعات المحلية، كما أنها تضطلع بدور ثلاثي باعتبارها عوامل اقتصادية توفر فرص العمل ومصادر الدخل وهي بالإضافة إلى ذلك مؤسسات ترتكز على الرأسمال البشري وتتمتع بأهداف اجتماعية تساعدها في الإسهام في العدالة والمساواة الاجتماعية، ناهيك على أنها هي مؤسسات ديمقراطية يديرها الأعضاء فيها، مما يعزز من دورها الريادي في المجتمعات.