لَمْ تُكَلٍّفْ أحزابُ الأغلبية المُشكِّلَة للحكومة نفْسها عَنَاءَ التَنَقُّلِ إلى مَقرّ رئاسة الحكومة من أجْلِ الإفصاحِ عمَّا في جُعْبَتِهَا من إنجازاتٍ وحصيلةٍ تمتصُّ بها غَضَبِ المغاربة الذي يَتَزَايدُ أمام "هشاشة" النَّسَق الحكومي، فقد غاب سعد الدين العثماني، وممثلو الأحزاب المكونة للائتلاف الأغلبي، ووزراء الفريق الحكومي، عن تقديم الحصيلة السنوية، التي تشكّل في العادة مُناسبة "مُواتية" للدفاع عن الأداء الحكومي، وهو ما أَثَارَ عديد التَّسَاؤلات وسط الرأي العام المغربي، وخلقَ تنذراً داخل موقع "الفايسبوك". ورغم أن مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، حاولَ "جاهداً" أن يُبرّر غيابَ رئيسه في الأغلبية بكونِ "العثماني فضَّل مناقشة الشق الاجتماعي والاقتصادي مع فريق إداري تقني متتبع لتنفيذ البرنامج الحكومي، بدل إعطاء اللقاء طابعا سياسيا أو وزاريا"؛ فإن عددا من المتتبعين اعتبروا هذا الغياب بمثابة "إفراغ للحصيلة الحكومية من حمولتها السياسية". ويرى مراقبون أن "تخلف العثماني ووزرائه عن الحصيلة الحكومية كان منتظراً، نظراً للظرفية السياسية والاجتماعية التي تمرُّ منها البلاد، وفي ظلٍّ غياب الانسجام داخل أغلبية تضُمُّ ستةَ أحْزابٍ"، مضيفين أن "حُضور الفريق الحكومي من عَدَمِهِ لن يغيّر من الوضع شيئاً"؛ فيما اهتدى آخرون إلى القول إنه "في ظل عدم وجود أي إلزام دستوري فإن من حق الحكومة ألا تقُدّم حصيلتها مادام الأمر يتعلق بعرفٍ سياسي فقط". عبد الحميد بنخطاب، أستاذ العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال بالرباط، يرى أن "تملص الحكومة من تقديم حصيلتها يمكن قراءته من عدة جوانب قانونية وسياسية، أوَّلُها أن الحصيلة الحكومية هي بمثابة تقليد سياسي وليست بواجبٍ مُؤطرٍ بقانونٍ معينٍ"؛ موضحاً أن "الدستور لا يتحدث عن الحصيلة ولا يُشِيرُ إلى تفاصيل تقديمها أمام البرلمان أو أمام وسائل الإعلام". وتابع المتحدث في تصريح لجريدة هسبريس: "الأمر يتعلق بتقليدٍ لا يلْزِمُ العثماني بالحضور من أجل تقديم النقاط العريضة لمجمل إنجازات حكومته"، مورداً أن "حضور مصطفى الخلفي من الناحية البروتوكولية والقانونية يبقى خطوة معقولة ومقبولة"، وزاد: "حضور الناطق الرسمي في حد ذاته كافٍ من الناحية القانونية". أما من الناحية الرمزية، وهي القراءة الثانية التي يقدمها عضو المكتب التنفيذي للجمعية المغربية للعلوم السياسية، فإن "حضور رئيس الحكومة للدفاع عن حصيلته كان يفترض أن يعطي شحنة قوية لهذه الحصيلة"، مشيراً إلى أن "تملصه منها يؤكد فعلاً أنها كانت باهتة على جميع المستويات". وأكمل بنخطاب: "قبل سنة كانت هناك مجموعة من الإشكالات لمْ تجدْ الطريق الأمثل إلى الحل، واليوم ليست هناك أي مؤشرات تعْكِسُ أن هناك لمسة حكومية للدفع بالبلاد إلى مزيد من الإصلاح والتقدم، وهذا ما يؤزم وضع الحكومة ويقيّد حركيتها".