عقدت الهيئة الاستشارية لحركة قادمون وقادرون-مغرب المستقبل، بجهة الرباطسلاالقنيطرة، ندوة وطنية في موضوع "فشل النموذج التنموي وتداعيات المقاطعة"، يوم أمس بالمركب الاجتماعي والثقافي بحي الرياضبالرباط، أطرتها ثلة من الدكاترة والباحثين من جامعات مغربية وتخصصات مختلفة، وحضرها فاعلون مدنيون وحقوقيون وسياسيون ومنتخبون واقتصاديون من مختلف جهات المغرب. في مستهل أشغال الجزء الأول من الندوة، قدم المصطفى المريزق، الرئيس المؤسس الناطق الرسمي باسم الحركة، كلمة لتذكير الحاضرين ب"اختصاصات الهيئة الاستشارية وأنشطتها، وبالسياق العام الذي تنعقد فيه الندوة كتعبير حر ومستقل يتوخى طرح مجموعة من الأسئلة الحارقة والمشروعة، مرتبط بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحق في التعبير، وذات الصلة بسؤال الحراك الاجتماعي، من خلال تعدد أشكال الحراك في الريف وزاكورة وجرادة وأوطاط الحاج، متسائلا في الوقت ذاته عن "دور الفاعل وأصحاب القرار، كل من موقعه وحسب درجة مسؤوليته، في أفق المساهمة في حوار شامل لبلورة مخارج تشاركية حقيقية، وبناء الدولة الاجتماعية الحامية لجميع الحقوق والواجبات". وسار على النحو نفسه عمر الزايدي، عضو الهيئة الاستشارية، في كلمته باسم اللجنة التحضيرية، "من خلال عرض السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي دفع بالحركة إلى التفاعل معه من خلال هذه الندوة التي تروم تسليط الضوء، بالبحث والتحليل، على موضوع يشغل بال المواطن والرأي العام وكل مؤسسات الدولة والفاعلين في ظل صمت مريب من كل الجهات، وهو موضوع فشل النموذج التنموي وتداعيات المقاطعة"، منبها في مداخلته إلى "ضرورة وضع ميثاق اجتماعي ونموذج تنموي جديد بديل عن النموذج النيو-ليبرالي المتوحش الذي انحصر في المركز وأنتج كوارث في المحور". وخلال أشغال الجزء الثاني من الندوة، أشار خالد مونة، خبير دولي في الحدود والهجرة والقنب الهندي أستاذ باحث في الأنثروبولوجيا بكلية الآداب بجامعة مولي اسماعيل بمكناس، إلى أن "المقاطعة ما هي إلا شكل وحلقة جديدة في مسلسل الحراك الاجتماعي الذي أصبح يتميز بطابعه الشبابي وفضاءاته الجديدة المتحررة من الرقابة والتحكم والبيروقراطية، وانتقل من الاحتجاج بالخطاب إلى الاحتجاج بالفعل السلمي الذي يستند إلى الحق والقانون"، مشيرا في مداخلته بعنوان "نحو فهم انثروبولوجي لشكل جديد للحراك" إلى أن "الحراك، وإن شكل ضغطا على الفاعل السياسي الذي يوجهه الاقتصادي، فإنه لم يستطع أن يتحول إلى قوة ضغط على الفعل السياسي وبالتالي السياسات العمومية". أما عائشة العلوي، أستاذة باحثة في الاقتصاد القياسي بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال منسقة الهيئة الاستشارية، فقد ركّزت في مداخلتها حول "دور الدولة في الرفع من الدخل الفردي" على "دور الدولة في رعاية المواطن وفي حماية المستهلك بنفس قدر حمايتها للمنتج، والعمل على ضمان التوزيع العادل للثروة بين مختلف المتدخلين في إنتاجها من رأسمال وقوة عاملة ودولة، وإعادة توزيع الدخل الأولي بالشكل الذي يضمن الحماية الاجتماعية لكافة المواطنين، وتمكينهم من ولوج الخدمات والبنيات الأساسية بشكل متساو". أما جواد مبروكي، خبير محلل نفسي، فقد شبّه المقاطعة، أو الوضع الحالي، ب"الخصومة أو الغضبة بين الشركاء، أو بالأزمة بمفهومها كانتقال من وضع إلى وضع آخر من الشراكة أو للاستمرار في علاقة الشراكة، التي تستدعي بالضرورة حوارا بين أطرافها". وفي آخر مداخلة خلال الندوة، رأى العربي مهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، من خلال مداخلته بعنوان "المقاطعة أسلوب حضاري لممارسة حقوق المستهلك في مواجهة الليبرالية المتوحشة"، أن المستهلك كان دائما "وحيدا في الأنظمة الرأسمالية في مواجهة تغول المتحكمين في السوق بدعم من الدولة التي تسيطر عليها الطبقة السائدة، وتسخرها لمصلحتها، سواء من خلال دعم الإنتاج أو دعم التسويق"، وقدم نماذج وأمثلة اقتصادية عبر العالم.