منذ تخرجه في الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية "ساندهيرست" العام الماضي، بات ولي العهد الأردني الأمير حسين بن عبد الله الثاني، الذي كان في استقبال الأمير وليام، نجل ولي العهد البريطاني، لدى وصوله إلى الأردن، الأحد، تحت الأضواء بشكل كبير. وأصبح الأمير حسين (23 عاما) وليا للعهد يوليو 2009 حين كان في ال15 من عمره. خلال السنة الماضية، بات يظهر كثيرا إلى جانب والده في مناسبات رسمية محلية ودولية. وقد أدى اليمين الدستورية، الخميس، نائبا للملك الذي غادر عمان إلى واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب، لينوب عنه خلال فترة غيابه، وبالتالي، وبصفته هذه، يستقبل نجل ولي عهد بريطانيا، الأمير تشارلز، الذي بدأ جولة في الشرق الأوسط، الأحد. ولد الأمير حسين في عمان في 28 يونيو 1994، وهو أكبر أولاد الملك عبد الله والملكة رانيا. وقد أنهى دراسته الثانوية في مدرسة "كينغز أكاديمي" في الأردن عام 2012، ودرس التاريخ الدولي في جامعة جورج تاون ب الولاياتالمتحدة، قبل أن يتلقى، كما والده وجده الملك حسين، دروسا عسكرية في المدرسة العسكرية التي ارتادها أيضا الأمير وليام. وعلى الرغم من أنه ضابط برتبة ملازم ثان في الجيش الأردني، لكنه غالبا ما يظهر في المناسبات العلنية بملابس مدنية مع ربطة عنق، ويعتمر في بعض المناسبات الكوفية الأردنية الحمراء. ويحظى الأمير حسين، صاحب العينين الملونتين واللحية الخفيفة، كما بقية أفراد العائلة المالكة في الأردن، باحترام بين الشعب المعروف عنه عدم المجاهرة بالانتقادات للأسرة المالكة. وتبدو واضحة محاولته استمالة قطاع الشباب؛ فقد نشر على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، في مايو 2018، صوره بين رفاقه الطيارين وهم يسكبون عليه المياه، في تقليد يقام لكل عسكري طيار بعد رحلته الأولى كطيار منفرد. ويركز الأمير حسين أنشطته على كل ما يهم الشباب، مشددا على "ضرورة تحسين نوعية التعليم وتحقيق النمو الاقتصادي وضمان اندماج الشباب الأردني في الحياة السياسية، عبر إشراكهم في العملية السياسة وصنع القرار". وأطلق الأمير مبادرات خاصة بالشباب، إحداها بالتعاون مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لمنح شباب الأردن فرصة للتدرب فيها. وتأسست "مؤسسة ولي العهد" عام 2015، وتهدف إلى تقديم الدعم لشباب الأردن عبر توفير مبادرات وفرص لتمكينهم. وقد ترأس الأمير، في أبريل 2015، جلسة لمجلس الأمن لمناقشة دور الشباب في بناء السلام وحل النزاعات ومكافحة الإرهاب. التواصل مع الناس ولم يتردد خلال التظاهرات الأخيرة التي حدثت في الأردن، احتجاجا على ارتفاع الأسعار ومشروع قانون ضرائب جديد يزيد الأعباء على أصحاب المداخيل الصغيرة، في النزول إلى الشارع ولقاء المحتجين، والتكلم معهم. وظهر في مقطع فيديو على الإنترنت بين المحتجين والدرك في عمان وهو يقول لعناصر الأمن: "أهم شيء أن نحمي المواطنين، دعوهم يتكلمون ويعبرون عن رأيهم، لكن واجبنا حمايتهم". وقال وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، لوكالة فرانس برس، إن "ولي العهد ينتمي إلى جيل الشباب وهو ذكي في تقديم نفسه بلغة جميلة مستندا إلى تأهيل عسكري وسياسي وحضور محلي ودولي"، وأضاف أن "بروزه خلال السنوات الأخيرة جزء من برنامج إعداد وتأهيل خضع له بإشراف مباشر من الملك". وشارك الأمير حسين خلال الأشهر الأخيرة في لقاءات واجتماعات مهمة مع قادة عرب وغربيين. ولعل أبرز إطلالاته كانت لدى إلقائه كلمة الأردن في 22 سبتمبر خلال اجتماعات الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، حين تحدث عن صعوبات اقتصادية جمة تواجه بلده الذي يستضيف 1,3 مليون سوري، و2,1 مليون لاجئ فلسطيني، بحسب السلطات. وقال معاتبا زعماء العالم حينها: "نحن فخورون بسمعة بلادنا، لكن الكلام الطيب لا يدعم الموازنة ولا يبني المدارس ولا يوفر فرص عمل". وينشط الأمير الشاب على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا عبر حساب "انستغرام" الذي يديره شخصيا وينشر صورا لأنشطته وممارسته رياضة التسلق في وادي رم وتدريباته العسكرية، إضافة إلى صوره مع أفراد عائلته. ويبلغ عدد متابعيه عبر "انستغرام" نحو مليون و400 ألف. وقالت الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي شادن عمارين (42 عاما) إن ولي العهد "متواضع كوالده وكما هو متعارف عن الهاشميين عموما، وهو شاب وسيم وعفوي عدا عن أنه الأمير الشاب الوحيد الذي نراه في الواجهة". وأضافت عمارين، وهي موظفة بنك، أن الأمير "قريب من الشباب ونشاطاتهم ومشاكلهم وهواياتهم.. تراه يلعب كرة القدم مع أصحابه تارةً ويعزف على الغيتار تارة أخرى، أو يحلق بطائرة عسكرية تارةً ويترأس بصفة رسمية جلسة لمجلس الأمن". ويهوى الأمير حسين، إلى جانب الرياضة، المطالعة وقيادة الدراجات النارية. له شقيق هو الأمير هاشم، وشقيقتان هما الأميرة إيمان والأميرة سلمى. ويقول مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، إن "صناعة الشخصيات لا تتم بين يوم وليلة، وإنما هي عملية طويلة من التدريب والتأهيل، وأعتقد أنها تسير بالاتجاه المناسب دون مبالغة" بالنسبة إلى ولي العهد الأردني. *أ.ف.ب