بشكل مُفاجئ وبدون سابق إنذار، أعطى الملك محمد السادس تعليمات مفاجئة إلى وزير الداخلية تُدشن لمرحلة جديدة في طريقة تدبير مسطرة تولي رجال السلطة للمسؤوليات والمناصب السامية، وخصوصا في مسطرة انتقاء عدد من الولاة والعمال الجدد، بحسب ما علمت به جريدة هسبريس الإلكترونية. وكان الملك محمد السادس أعطى تعليماته السامية لوزير الداخلية قصد اتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحقيق فعالية أكبر وترشيد أمثل للموارد البشرية بهيئة رجال السلطة، من خلال تكريس معايير الكفاءة والاستحقاق في تولي مناصب المسؤولية بهذه الهيئة. وقالت وزارة الداخلية، في بلاغ لها، إنه سيتم على ضوء ذلك اعتماد وتطبيق مسطرة جديدة في تولي مهام المسؤولية في سلك السلطة، قوامها تثمين الكفاءات وإعمال مبادئ الاستحقاق وتكافؤ الفرص، مضيفة: "سيتم كذلك تفعيل المبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت بشأنه تقصير في القيام بواجباته ومسؤولياته المهنية، وهو إجراء لن يستثني أي مستوى من مستويات المسؤولية في هيئة رجال السلطة". ولم يكشف بلاغ وزارة الداخلية عن حيثيات صدور هذه التعليمات المفاجئة، إلا أن مصادر هسبريس رجحت أن الأمر يتعلق بقرب تعيين الملك محمد السادس لعدد من الولاة والعمال الجدد لتعويض الذين أسقطهم "الزلزال الملكي" قبل أشهر. وبعد أن عصف "الزلزال الملكي" السابق بوالٍ وستة عمال وستة كتاب عامين، والعديد من رجال السلطة، ثبت تقصيرهم بشكل أو بآخر في أداء مهامهم، كشفت مصادر هسبريس أن "الملك محمدا السادس يرتقب أن يُنهي هذا الفراغ بتعيين ولاة وعمال جدد بالإدارة الترابية وبالإدارة المركزية، طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور، خلال الذكرى التاسعة عشرة لعيد العرش المجيد، في 30 يوليوز المقبل، وهو ما يفسر صدور هذه التعليمات لإعادة النظر في بعض الأسماء المقترحة". المحلل السياسي، العمراني بوخبزة، أوضح أن التعليمات الملكية تتزامن وقرب صدور تنقيلات وترقيات وتعيينات واسعة للمسؤولين في جميع أسلاك الأمن التابعة لوزارة والداخلية، بعد قضائهم لمدة أربع سنوات التي تفرض تغيير أماكن العمل، وقال: "كان هناك حديث عن وجود لائحة جاهزة تنتظر التأشير الملكي، غير أن البلاغ الجديد يلمح إلى وجود غضبة ملكية ربما على بعض الأسماء المتضمنة في اللائحة، مما يتطلب من وزارة الداخلية إعادة اختيار أسماء أخرى". ويرى المحلل السياسي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن التعليمات الملكية لوزير الداخلية تؤشر على مرحلة جديدة في تعيين رجال السلطة بالمديريات التابعة لوزارة الداخلية، بعدما كانت العملية تقتصر سابقاً على منطق "التزكيات". وتابع المتحدث أن التوجيهات الملكية لوزارة الداخلية قد تكون لها علاقة بأخطاء ارتكبت في مجموعة من أقاليم وجهات المملكة من قبل بعض الولاة والعمال، خصوصا في كيفية تدبير الاحتجاجات بجهتي طنجةتطوانالحسيمة والشرق، وقال: "لقد أبان عدد من المسؤولين على عدم قدرتهم في تدبير موجة من الهزات الاجتماعية بالمناطق التابعة لهم". وأضاف العمراني أن ورش الجهوية المتقدمة كشف كذلك أن عددا من ولاة وعمال المملكة "لم يستطيعوا التسريع بهذا الورش الكبير رغم الاختصاصات الدستورية الواسعة المخولة لهم"، مشيرا إلى أن "صلاحياتهم تمكنهم من مساعدة المجالس المنتخبة والتنسيق بين المصالح اللاممركزة وتمثيل السلطة المركزية على المستوى الترابي". واستطرد المصدر ذاته بأن التوجيهات الملكية من شأنها أن "تُعطي نفساً جديداً في عمل رجالات السلطة والتكليف بالمسؤوليات السامية، بعدما ظهر أن كان هناك سوء اختيار في تعيين عدد من هؤلاء، خصوصا مع النقاش الجاري حول إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار". وطبقاً لأحكام الفصل 49 من الدستور، يملك الملك محمد السادس صلاحيات تعيين الولاة والعمال والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي، باقتراح من رئيس الحكومة، وبمبادرة من وزير الداخلية.