عاد التوتر مجدداً بين حزب العدالة والتنمية والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بسبب سؤال تقدّم به فريق الحزب بمجلس النواب حول "استمرار التعذيب في سجون المملكة"؛ وهو الأمر الذي أثار غضب "مندوبية التامك"، بينما عبّر الفريق النيابي عن احتجاجه لتطاول المندوبية على اختصاصات البرلمان. وليست هذه هي المرة الأولى التي يصطدم فيها العدالة والتنمية مع محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، إذ سبق أن هدد الأخير بجر "نقابة البيجيدي" إلى القضاء بعد اتهامها ب"تحريض" موظفي السجون على التمرد. واشتعل هذا الصراع القديم الجديد، بعد تقدم أحد برلمانيي "المصباح" بمجلس النواب بسؤال خلال جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية حول تعرض ناصر الزفزافي ورفاقه إلى التعذيب في سجون التامك؛ غير أن المندوبية اعتبرت مداخلة البرلماني "لا أساس لها من الصحة، وفاقدة للمصداقية وغير مسؤولة؛ لأنها توجه اتهامات بالغة الخطورة إلى قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج بهدف المس بسمعته والتشويش على العمل الجبار الذي يقوم به من أجل أنسنة ظروف اعتقال النزلاء وتأهيلهم لإعادة الإدماج". وفي إطار تبادل الاتهامات بينهما، رد فريق رئيس الحكومة على "بلاغ التامك"، معرباً عن استغرابه ورفضه "لما صدر عن إدارة تابعة للحكومة تتطاول على اختصاصات مؤسسة دستورية ومهام أعضائها وتستدرك بلغة غير مهنية وغير مقبولة وغير لائقة على ما دار في جلسة دستورية، تمت في إطار مراقبة مجلس النواب لعمل الحكومة ووقع فيها التفاعل اللازم والكافي أمام الرأي العام بين أسئلة البرلمان وأجوبة الحكومة، بروح المسؤولية والمواطنة الملتزمة، وعلى أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها وربط المسؤولية بالمحاسبة". واتهم "البيجيدي، في بيان رسمي، مندوبية السجون بعدم احترام اختصاصات المؤسسات الدستورية ومؤسسات الرقابة، وقال إن "صدرها يضيق أمام قيام المؤسسة البرلمانية بدورها في المراقبة، ويذكرها بهذه المناسبة بأن البرلمان هو صاحب الاختصاص الأصلي في المراقبة على عمل الحكومة والإدارات التابعة لها، وأنه هو الذي يشرع لباقي المؤسسات والآليات المعنية بمراقبة المؤسسات السجنية". وأكد المصدر أن السؤال الذي تقدم به النائب البرلماني "يدخل في صلب مهامه الدستورية كنائب عن الأمة يمارس دوره الرقابي ويتمتع بالحصانة الدستورية وهو يبدي رأيه خلال مزاولته لمهامه، بمسؤولية وموضوعية، وأن ما أثاره لم يكن محض ادعاء، وإنما مبني على معطيات وردت في تقارير لمؤسسة وطنية رسمية ولمؤسسات حقوقية". البيان الصادر عن فريق "المصباح" شدد على أنه "لن يتوانى في الدفاع عن كل النزلاء لضمان استفادتهم من الحقوق التي يضمنها الدستور والقانون وفي استثمار كل الوسائل والآليات الرقابية التي يتيحها الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب لمراقبة عمل هذه الإدارة للتأكد من استعمالها للإمكانات المالية المتاحة لها وفق مبدأ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بما يضمن مواصلة مجهودات تحسين ظروف عيش كل النزلاء". في مقابل ذلك، اعتبرت مندوبية "التامك" أن فريق العدالة والتنمية يتجاهل العمل الذي تقوم به المندوبية، و"يبخس عملها كمؤسسات تضطلع بمهامها من أجل حماية الحقوق المضمونة قانونا لنزلاء المؤسسات السجنية؛ بل أظهرت أنها مدفوعة فقط بانشغالات سياسوية ضيقة جعلتها تركز على حالتين فريدتين، غير عابئة بباقي النزلاء". وسبق لمندوبية السجون أن حذّرت، في بلاغ سابق، من "الانعكاسات الخطيرة لما يصدر عن نقابة حزب العدالة والتنمية، على أمن المؤسسات السجنية وسلامة نزلائها"، مشيرة إلى أن "الهدف الوحيد للأفراد الذين يحاولون إيهام الرأي العام أنهم يدافعون عن موظفي قطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج هو خدمة أجندة لا تمت بصلة إلى ما يدعونه"، وفق تعبيرها.