محطة من محطات تجربته المسرحية أرادها الكاتب والمخرج المسرحي عبد الواحد عوزري "محطة التيه الواعي نحو المسرح الذي نسمو إليه" في كتابه الجديد "قريبا من الخشبات..بعيدا عنها"، الذي عرج فيه على بعض القضايا من خلال تجربة الممارسة والحياة وصدفها، "ويتوقف أحيانا أخرى عند بعض المكونات الأساسية للعرض المسرحي". يؤكد عوزري في لقاء احتضنه بهو المسرح الوطني محمد الخامس أنّ "المسرح يبقى مجرد لقاءات قد نعتقد أنها عادية أو أتت بصدفة الأشياء، وقد تكون لقاءات فنية عميقة، مؤثرة في التجربة والمعرفة"، مضيفا: "عند بعض المحطات التي أعتبرها مهمة في مسيرتي في التعليم والحياة في فرنسا..احتفظت فيها بالكثير من العبر واللقاءات التي مازلت أعتز بها وتشكل ذخيرتي الإنسانية والمعرفية". من جهتها قالت الفنانة والوزيرة السابقة ثريا جبران، التي ساهمت بدورها في تقديم كتاب عوزري: "إنّ سعادتي تتضاعف اليوم حين أجد نفسي شاهدة على انبثاق كثير من مواد هذا الكتاب التي كتبت في حضرتي، أو في سياقات قريبة منّي، كان يشاركني فيها عبد الواحد مخاض التفكير والكتابة والقراءة، وإبداء الرأي في كل ما يتعلق بانشغالاتنا الفنّية"، وأضافت: "الكتاب يعد إضافة قيمة للمجهودات الجبارة التي قام بها الباحثون والكتاب المغاربة من أجل تطوير مستوى البحث في الجانب المسرحي". واعتبرت الفنانة ثريا جبران، رفيقة درب الفنان عبد الواحد عوزري، أن هذا الكتاب يشكل "تجليا آخر للأفق المشترك الذي يجعل الحياة أليفة بيننا، ويمنحنا الصبر والثبات لنواصل تجربة الفن والحياة"، مبرزة أنّه "يشكل تمثلا لأهم المسارات التي كان على المسرح المغربي أن يعبرها، منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، حتى يصبح حاملا لهذا الوعي الذي نستمر بفضله كواحد من مبررات وجودنا". من جهته قال الكاتب والناقد المسرحي عبد الإله بنهدار، في تقديمه لعنوان الكتاب: "إنه يحمل جملتين متضادتين ولكنهما متكاملتين، ليؤكد أنّه قريب من الخشبات لكنّه يتحدث بعيدا عنها، في حديث ذي شجون، يجعل الكاتب في قلب المسرح، سواء أكان على الخشبة أم بعيدا عنها". ومن بين النقط المثيرة في كتاب عوزري، يبرز بنهدار، "حديثه عن تشييد المسرح الجديد في الدارالبيضاء، الذي يدخل في الجيل الجديد من المسارح المشيدة حديثا في المغرب، لكن يتم هدمه بحجة أنّه آيل للسقوط، لكن في الحقيقة لدواع أمنية، لأنه كان قريبا من القنصلية الفرنسية، وهي معطيات قدّمها الكاتب بشكل غير مباشر، وجاءت مندسة بين السطور". وتحدث بنهدار عن تسليط الكاتب الضوء على "سر تشبث المغاربة بنماذج مسرحية دون غيرها، والاستدلال بالنموذج الفرنسي دون النموذج الإسباني، رغم أنّه الأقرب إلينا وجدانيا"، داعيا خريجي المعاهد المسرحية إلى تحسين هذه الصورة التي كانت مغيبة قديما". ويختم عوزري كتابه الذي يتألف من 158 صفحة بحوار أجراه معه الكاتب محمد بهجاجي حول قضايا قال عنها: "لم أكن قد تمكنت من التعبير أو الجواب عنها بغير مناسبة..قضايا كثيرا ما تكون قريبة من الخشبة، ومن الممكن أن نعتقد أنها بعيدة عنها. ليست في هذا الحوار أجوبة مطلقة أو أي ادعاء للإجابة عن كل الأسئلة، فأنا بدوري أمارس الكتابة لطرح الأسئلة التي تؤرقني، ولا أجد لها دائما كل الأجوبة".