في وقت دَعَتْ فيه تعاونيات فلاحية بالمغرب الحكومة إلى فتح قنوات الحوار لتجاوز تداعيات حملة المقاطعة، التي دخلت أسبوعها السادس، ودعم "مشروع وحدة لتصنيع الحليب والاستغناء عن شركة سنطرال"، ذكر عدد من مهنيي الحليب تضرُّر حوالي 200 ألف مرب للأبقار المنتجة للحليب، الذين أصبحوا مرغمين على بيع ماشيتهم بأثمان بخسة. وأوردت الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، التي عقدت مؤخراً جمعها العام العادي بمشاركة عدد من مهنيي الحليب، أن "صغار الكسّابين استَثْمروا في تربية الأبقار على أمل تحسين مستوى عيشهم وتأمينِ مستقبل أبنائهم، وقاموا بالتغلُّب بمشقَّة على الارتفاع المستمر لتكاليف الإنتاج، خاصة خلال السنوات العجاف المتميزة بارتفاع كلفة العلف وندرة المياه"، قبل أن تتوقف عند تداعيات حملة المقاطعة التي شملت منتوج الحليب، واصفة إيَّاها ب "السلبية"، وبأنها "تهدد عددا من العائلات القروية". وبينما مازالت لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب تبحث في موضوع "مقاطعة الحليب"، دقّ نقابيو "كومادير" ناقوس الخطر بشأن أوضاع بعض مربي المواشي، قائلين: "اليوم صار الكسابون أكثر تضررا من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية وتبعاتها بسبب عدم اقتناء مادة الحليب جراء حملة المقاطعة لبعض العلامات التجارية". وفيما اضطرت الشركة الفرنسية المنتجة للحليب إلى وقف تعاملها مع 120 تعاونية بخمس مناطق مختلفة تتزود منها بالحليب، مرجعة خطوتها هذه إلى "عدم قدرتها على الصمود أمام موجة المقاطعة"، أكد مهنيو الحليب أن "الأمر يهم أكثر من 200 ألف مرب للأبقار المنتجة للحليب، منهم حوالي 95 في المائة لا يتوفرون إلا على أقل من 10 رؤوس من الأبقار، هذه الفئة أصبحت مهددة لكون نشاطها لا يمكن من الحصول على شروط العيش الكريم، بل أصبحوا مرغمين على بيع ماشيتهم بأبخس الأثمان". وبعد تأكيدها على "النتائج الإيجابية التي حققها مخطط المغرب الأخضر، حيث مكَّن من الرفع من الإنتاج الوطني للحليب وتحسين جودته"، تابعت الكونفدرالية المغربية للفلاحة، في بيان لها، أن "هذا المشروع يساهم في تحسين الأمن الغذائي الشامل بالمغرب، ويمكن من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من مادة الحليب"، مضيفا أنه "بفضل هذه المجهودات يتضح أن سلسلة الحليب استفادت من هيكلة متميزة لصالح مجموع المتدخلين". ودعا مهنيو الحليب الحكومة إلى العمل على التوصل إلى حلول تحمي صغار الكسابين الذين اكتسبوا على مر السنين مهارات وخبرة عالية مكنتهم من تزويد السوق المغربية من إنتاج يناهز 2.55 مليار لتر من الحليب عالي الجودة، مشددةً على ضرورة حماية 450 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر تخلقه هاته السلسلة من أجل التنمية والاستقرار بالوسط القروي والحد من الهجرة القروية. ومقابل تنبيههم إلى ضرورة الحفاظ على هذه المكتسبات التي صارت، بحسبهم، معرضة لمخاطر يصعب التغلب عليها ما لم تتضافر جهود كافة الأطراف المعنية من أجل مواجهة الوضع بشكل مسؤول، عبر أرباب الحليب عن مساندتهم لمربي المواشي ضمن سلسلة إنتاج الحليب التي تشكل "مصدرا هاما للتشغيل"، معربين عن تطلعهم إلى أن "تتحسن الأوضاع وتعود المياه إلى مجاريها من أجل تمكين هذه الفئة من المواطنين من الاستمرار في مزاولة نشاطهم باطمئنان ومواصلة المجهودات المبذولة خلال السنوات الأخيرة؛ وذلك بهدف تحسين ظروفهم المعيشية". ويرتقب أن تكشف الحكومة، عبر وزارة الفلاحة، عن إجراءات لدعم سلسلة إنتاج الحليب التي تساهم بشكل كبير في النسيج الاقتصادي والاجتماعي؛ إذ تؤمن الدخل لأزيد من 200 ألف أسرة. كما أن 95 في المائة من مربي الأبقار يتوفرون على أقل من 10 أبقار؛ أي إن استمرار توقف شركة "سنطرال" عن شراء الحليب بالكمية نفسها يُهدد مصدر رزقهم ويعرضهم للتشرد.