قبل أسبوع من انتخابات حاسمة لمستقبل بلدهم، يتابع الأتراك باهتمام المنافسة الحادة بين الرئيس رجب طيب أردوغان وخصمه الأبرز محرم إينجه، الخطيب اليساري المعروف بحدته في أفعاله أيضا. ومنذ أسابيع يتبادل الرجلان، اللذان يتمتع كل منهما بحضور قوي، الانتقادات ويردان على بعضهما خلال تجمعات انتخابية؛ وهو ما يؤدي إلى تزايد التوتر قبل الانتخابات التشريعية والرئاسية المبكرة في ال24 من يونيو الجاري. وأردوغان، الذي يحكم تركيا منذ 2003 في منصب رئيس الوزراء أولا ثم رئيسا للجمهورية، اعتمد دائما على موهبته في الخطابة ليتفوق على منافسيه. ويختم خطب رجب طيب أردوغان، في العادة، بعبارات شعبية وإشارات دينية وشعر قومي؛ لكن هذه المرة، عليه أن يواجه خصما مشابها ممثلا بشخص إينجه. فهذه الشخصية المهمة في حزب الشعب الجمهوري المعارض وأستاذ الفيزياء السابق معروف بطبعه المتصلب وعباراته الحادة. شهدت يالوفا (شمال غرب)، مسقط رأس إينجه ويمثلها في البرلمان، معركة طاحنة بين الرجلين قبل الانتخابات. وفي مهرجان انتخابي الخميس وفي معقل خصمه الرئيسي، ضاعف أردوغان هجماته. وقال إن "السيد محرم (...) في ولايته النيابية الرابعة ممثلا ليالوفا. لكن هل حقق شيئا لهذه المدينة؟"، مذكرا بأن حكومته شيدت جامعة في يالوفا. ورد إينجه، الذي شعر بالاستياء، في تجمع انتخابي في اليوم التالي في المكان نفسه، قائلا: "ماذا حققت ليالوفا؟ المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية"!. "أنا قائد" يتابع أردوغان بدقة كبيرة المرشحين الآخرين للانتخابات؛ مثل ميرال إكشينار التي تلقب ب"المراأ الحديدية"، والزعيم الكردي المسجون صلاح الدين دميرتاش، لكنه يركز انتقاداته على إينجه. ويرد إينجه بتوجيه انتقادات إلى اردوغان على كل الجبهات، مشيرا إلى زيادة التضخم وتكميم الصحافة والتأثير على استقلال القضاء واللاجئين السوريين. ويروق لإينجه ايضا أن يبث خلال مهرجاناته الانتخابية تسجيلات فيديو تذكر بالتعاون بين دوائر أردوغان والداعية فتح الله غولن "العدو الأول" لأنقرة اليوم، التي تحمله مسؤولية الانقلاب الفاشل صيف 2016. وفي مواجهة هذه الهجمات، يقدم أدوغان نفسه على أنه قائد حربي ورجل بناء ويصف خصمه ب"المتدرب". ويكرر الرئيس التركي :"أنا قائد عام" للجيش. ويرد إينجه بأنه "كبير الطباخين"، وذلك منذ أن وعد أردوغان بتوزيع الشاي والحلويات في المكتبات مجانا. وقالت إيجه، الطالبة التي جاءت مع صديقاتها إلى تجمع انتخابي لإينجه في يالوفا، "إنه مضحك لذلك نحبه". "لماذا لا تفعل ذلك الآن؟" بأسلوبه الحاد، فرض إينجه نفسه كأحد الاكتشافات الكبرى في هذه الحملة وأثار حماسة القاعدة الانتخابية لحزب الشعب الجمهوري التي سببت هزائمه المتتالية خيبة أمل لديه. وقال إيمري أردوغان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلجي في إسطنبولن إن فن الخطابة "من العوامل الأساسية التي سمحت لأردوغان بالبقاء في السلطة وبالفوز في كل الانتخابات تقريبا". واضافت لوكالة فرانس برس: "الجميع كانوا يعتقدون بأنه ليس هناك شخص قادر على تحدي أردوغان على الأرض. لكن أداء إينجه كذب هذه الفكرة". وأردوغان، الذي اعتاد على فرض قضاياه والجدل الذي يثيره على جدول الأعمال، بدا على غير العادة وكأنه يسعى إلى تصعيد النقاش مرات عدة؛ فقد تعهد، الأربعاء، برفع حالة الطوارئ المطبقة منذ سنتين في البلاد، بعد فوزه في الانتخابات. وجاء إعلانه هذا بعدما صرح إينجه بأنه سيلغي هذا الإجراء الاستثنائي خلال 48 ساعة في حال فاز في الاقتراع. ورد إينجه، الجمعة في يالوفا، بأنه "لست رئيسا ولا أستطيع رفع حالة الطوارئ". وأضاف: "لكن أنت، يا أردوغان، لماذا لا تفعل ذلك الآن؟". *أ.ف.ب