في مطلع شبابه، تعلم أيوب الكعبي حرفة النجارة. في الرابعة والعشرين، أصبح "محترفا" في إدخال الكرة ما بين الخشبات الثلاث، وشق طريقه إلى تشكيلة المنتخب المغربي المشارك في كأس العالم لكرة القدم 2018. قبل نحو عام، لم يكن أيوب الكعبي معروفا على نطاق واسع، حتى داخل المغرب؛ غير أنه تمكن في وقت قصير من إثبات حضوره، لا سيما بعد بروزه مع المنتخب في كأس أمم إفريقيا للمحليين ("شان") التي استضافتها البلاد وأحرزت لقبها مطلع العام الحالي. تسعة أهداف في البطولة الإفريقية ضمنت للكعبي استدعاء من المدرب الفرنسي للمنتخب الأول هيرفيه رونار إلى التشكيلة التي ستخوض غمار مونديال روسيا، على الرغم من أن المهاجم الشاب سيكون مطالبا ببذل جهد مضاعف ليتمكن من المشاركة مع منتخب يضم مهاجمين من طينة عزيز بوحدوز وخالد بوطيب ونور الدين أمرابط. أصبح هداف نهضة بركان نجم البطولة المحلية للموسم المنصرم، وأحد قلة من لاعبيها نالوا ثقة رونار لضمه إلى تشكيلة قوامها لاعبو أندية أوروبية. ويقول هشام رمرام، الصحافي الرياضي، في تصريح لوكالة فرانس برس: "لم نعرف، منذ سنوات طويلة، مهاجما مثل الكعبي". يتحدر الكعبي من حي شعبي في مدينة الدارالبيضاء. بدأ مساره في أندية الهواة في العاصمة الاقتصادية للمملكة، على هامش عمله الأساسي في إحدى ورش النجارة. وقّع اللاعب سالف الذكر أول عقد احترافي سنة 2014 لحساب نادي الراسينغ البيضاوي، الذي كان ينافس حينها في دوري الدرجة الثانية للمحترفين. أعير إلى أندية أخرى تنافس في درجات الهواة، قبل أن يعود في موسم 2016-2017 لقيادة فريقه إلى دوري الدرجة الأولى، مسجلا 25 هدفا في 33 مباراة. "ليس مهاجما عاديا" لفت الكعبي الأنظار واهتمامات أندية الدرجة الممتازة، ليسارع نادي نهضة بركان إلى اقتناص خدماته. ويقول منير الجعواني، مدرب الفريق ذاته، لوكالة فرانس برس، إن الكعبي "استطاع تأكيد جدارته، يحسن الإنصات وأمامه هامش كبير للتطور". شكلت البطولة القارية للمحليين فرصة الكعبي لإثبات علو كعبه. قاد منتخب بلاده إلى تحقيق أول لقب قاري منذ أعوام، واختير أفضل لاعب فيها، وهدافها مع تسعة أهداف؛ وهو رقم قياسي في هذه البطولة. ويقول مدربه إن الكعبي "يملك حسا رفيعا لاقتناص الأهداف وحسن التموضع وليس مجرد مهاجم عادي"، متوقعا أن يكون له "مستقبل زاهر". وحسب رمرام، فالكعبي، الذي يلعب بالرجل اليسرى، "هو من المهاجمين المغاربة القلائل الذين يحسنون التموضع أمام المرمى، وأغلب أهدافه سجلها بفضل تموضعه الجيد، زيادة على امتلاكه مهارات عالية". فتح تألقه في "شان 2018" أمامه باب المنتخب، وتمكن من تسجيل أول هدف له تحت قيادة رونار، خلال أول مشاركة له في المباراة الإعدادية التي خاضها المغرب ضد أوزبكستان (2-صفر) في مارس. واصل مسيرة تألقه اللافت والسريع لينتزع ثقة رونار وينضم إلى اللائحة النهاية ل23 لاعبا، سيدافعون عن ألوان المنتخب المغربي في المشاركة الأولى لأسود الأطلس في المونديال بعد غياب دام 20 سنة. ويشير الجعواني إلى جاهزية الكعبي، الذي "خاض أكبر عدد من المباريات هذا الموسم ب30 مواجهة" في الدوري المحلي. فهل سيكون ابن مدينة الدارالبيضاء في الموعد لانتزاع مكان أساسي في التشكيلة المغربية؟ *أ.ف.ب