بعد المصادقة على مرسوم الطب عن بُعد نهاية الشهر الماضي من قبل حكومة سعد الدين العثماني، يتجه المغرب قريباً إلى تجهيز عدد من المراكز القروية بآليات وبنية تحتية تكنولوجية لتوفير أنشطة التطبيب عن بُعد لفائدة ساكنة المناطق النائية. وفي هذا الصدد، أعلن عن ميلاد الشركة المغربية للتطبيب عن بُعد، وهي جمعية حظي جمعها التأسيسي برعاية الملك محمد السادس، وتضم في مجلس إدارتها وزارات الصحة والداخلية والتربية الوطنية ومصلحة الصحة العسكرية التابعة للقوات المسلحة الملكية. كما ضمت أيضاً ضمن أعضائها جامعة محمد السادس لعلوم الصحة، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، إضافة إلى عز الدين المنتصر بالله، المدير السابق للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وأحمد رحو، المدير العام للبنك العقاري والسياحي التابع للدولة المغربية. وسيتم في مرحلة أولى تجهيز خمسة مراكز بمناطق ميدلت وأزيلال وتارودانت بالآليات المطلوبة، فيما سيتم العمل في مرحلة ثانية على رفع عدد هذه المراكز إلى ثلاثين موقعاً ابتداء من يناير 2019، في أفق وضع مخطط وطني يروم تعميم تقنية التطبيب عن بُعد ليشمل نحو 160 جماعة قروية تم تحديدها كمناطق تحظى بالأولوية. وسيعهد للشركة المغربية للتطبيب عن بُعد المساهمة في تطوير تقنية وممارسة التطبيب عن بُعد، والنهوض بها ودعم انتشارها على الصعيد الوطني، خصوصاً لفائدة السكان في مناطق مهمشة ونائية، وإحداث واستغلال كل بنية تحتية تكنولوجية أو مادية تمكن من إنجاز عمليات التطبيب عن بعد، وتشجيع وتحفيز المؤسسات ومهنيي قطاع الصحة على اللجوء إلى تقنية التطبيب عن بعد. وستحظى الشركة بدعم من السلطات العمومية ومساهمة الأطر الطبية في المستوصفات التابعة للبنيات الجهوية لوزارة الصحة بمختلف جهات المغرب، إضافة إلى دعم الهيئة الطبية لجامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدار البيضاء، من أجل ضمان التجهيز الملائم للمواقع والمراكز النموذجية المتواجدة في المناطق القروية والنائية. وستنصب جهود الشركة بتعاون مع السلطات العمومية بإنجاز عمليات الفحص عن بعد تغطي مجالات الطب العام وكذا التخصصات التي تم تحديدها باعتبارها تحظى بالأولوية، بهدف تعميم خدمات الطب للمواطنين المغاربة، في أفق التقليص التدريجي للفوارق الصحية القائمة بين سكان المناطق القروية والحضرية. ويندرج الطب عن بُعد، الذي يستعد المغرب خوض غماره، ضمن مقتضيات القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب، حيث يمكن للأطباء المزاولين في المصالح العمومية للصحة والأطباء المزاولين في القطاع الخاص وكذا المؤسسات الصحية العمومية والخاصة أن يلجؤوا إلى هذا النوع من الخدمات في إطار مقنن من لدن وزارة الصحة. وتتضمن أعمال الطب عن بُعد الاستشارة الطبية للمرضى، وطلب الخبرة لفائدة مهنيي الطب، والمراقبة الطبية التي تتيح التتبع الطبي لمريض ما، والمساعدة الطبية، والإجابة الطبية عن بعد، إضافة إلى وضع تشخيص أو طلب رأي متخصص أو التحضير لقرار علاجي أو إنجاز خدمات أو أعمال علاجية أو تتبع حالات المرضى، أو التأطير والتكوين السريري لمهني الصحة. وتعتمد مجموعة من الدول هذا النوع من التطبيب، ويطلق عليه Télémédecine، وقد حققت دول عدة، منها كندا وسويسرا والنرويج، تقدماً مهماً في هذا المجال، وباتت مستشفياتها ومصحاتها تقدم خدمات طبية عن بُعد من أجل تحسين الوصول إلى الرعاية والخدمات الصحة، خصوصاً في حالات الطوارئ.