إِعْلاَمُ أُولِي النُّهَى وَالأَحْلاَمِ بِمَا بَينَ العَرَبيةِ وَالأَمَازِيغِ مِنْ وِئَام وَشُذُوذِ مُدَّعِي الخِصَام بسم الله الرحمن الرحيم انتشر لدى عدد من العامة من الناس بله الخاصة منهم، أن الأمازيغ معادون للعربية ويكرهونها، ومصدر هذا الظن ناتج عن بعض ردود الأفعال الشاذة التي قد تصدر من بين بعض العاقين للعربية المنحدرة أصولهم من أصل أمازيغي، وذلك الكره-لدى الطائفة التي تتفوه به- ليس له ما يبرره سوى الجهل بالدين أو التبعية الأعمى للكبراء الذي يملون على الضعفاء ما يجب أن يقال ويكون، ولأولئك الكبراء مقاصدهم وغاياتهم التي يتوخونها، والتي ترمي إلى إضعاف الانتماء لأمة الإسلام وتشجيع العصبية وإثارة العرقية. ولم يكن في يوم من الأيام بين الأمازيغ والعربية عناد أو خصام بل كانوا هم الخدم لها، وما زال بعض أبنائها البررة على الدرب سائرين، وتشتهر عدد من المناطق التي يستوطنها الأمازيغ بأعلام يشاد بهم في مجال النحو والصرف والبلاغة، محافظين على إرث آبائهم الأولين الذين لم يقصروا في خدمتها حيث جاهدوا بالجهد والمال والوقت لخدمة لغة القرآن, وسهروا على تعلمها وتعليمها لما لها من منزلة في نفوسهم, وحفظوا بيانها من تدنيس الأعاجم ولوثة المتآمرين، وأفنوا أعمارهم في تقعيدها وإشادة أركانها ورسم خصائصها، ولعل أقل الواجب على الأبناء حيال الآباء أن ينشروا هذه الكتب المخطوطة التي تقبع في المتاحف وأن ينفضوا عنها غبار الزمن، لإعلام العالمين بموقف الأمازيغ من لغة شريعة رب العالمين، ونشر أقوالهم وآرائهم التي تعتبر العربية من الدين والطعن فيها طعن فيه، ويرون أن تعلمها واجب؛ باعتبار فهم الكتاب والسنة فرضا، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وهي اللسان الذي به خوطب كافة البشر على اختلاف أجناسهم وألوانهم باعتبارها لغة سماوية ربانية المصدر، تسمو فوق جميع اللغات بما حباها الله من خصائص ومميزات، ولا يحبها إلا من أحب الله ولا يبغضها إلا من أبغض الله، "وهي أفصح اللغات، وأبينها، وأوسعها، وأكثرها تأدية للمعاني التي تقوم بالنفوس، فلهذا أنزل أشرف الكتب بأشرف اللغات على أشرف الرسل، بسفارة أشرف الملائكة، وكان ذلك في أشرف بقاع الأرض، وابتدئ إنزاله في أشرف شهور السنة، وهو رمضان، فكمل من كل الوجوه". وما قدموا تلك الخدمة الجليلة للعربية أكثر مما خدموا لغتهم التي يدندن بها المتشدقون اليوم؛ إلا لاعتقادهم أن "هذه الشريعة المباركة عربية، فمن أراد تفهمها فمن جهة لسان العرب يفهم، ولا سبيل إلى تطلب فهمها من غير هذه الجهة". وبما أنني مسلم أمازيغي أعتقد أن من الواجب تبرئة للذمة وبيانا للحقيقة كشف حقيقة الأمازيغ الذين يبغضون العربية ويبغضونها للناس وينادون بإحلال الأمازيغية وغيرها من اللغات محلها، وليس يخفى على قارئ متتبع أن هذا الجهاز متخف باسم الأمازيغ، ولو افترضنا براءته فبم يفسر دعوته لتقديم اللغات الأجنبية في الأقطار الإسلامية على اللغة العربية، وتقديم اللهجات المحلية وتشجيعها والدعوة إلى كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية، ويبتعثون أبناءهم للجهات التي تمولهم لدراسة لغاتهم، وينفرونهم من العربية؛ إنهم يفعلون ذلك إيمانا بأن اللغة تعني الانتماء، وأن من يجيد لغة لا بد أن ينتمي إلى أهلها. والذي ندين الله به-نحن المسلمين الأمازيغ-أن اللغة العربية لغة ديننا ونبينا وهي أحب إلينا من لغة آبائنا وأمهاتنا؛ نحبها لأنها لغة الشريعة التي جاءت "لا تفرق بين العربي والأعجمي ولا بين القرشي والحبشي، وأنهضت لخدمة اللغة أناسا من الأعاجم غاروا عليها من حيف الأعجمية - أي أنهم غاروا عليها من لغة أمهاتهم وآبائهم، لأنها لغتهم على المساواة بينهم وبين جميع المؤمنين بالقرآن الكريم كتاب الإسلام، وستبقى اللغة العربية ما دام لها أنصار يريدون لها البقاء، ولم ينقطع أنصارها في عصرنا الحاضر بل نراهم بحمد الله يزدادون ويتعاونون. ويتلاقى أبناء البلاد المختلفة على خدمتها ودعمها، لأنهم مختلفون بمواقع البلاد متفقون بمقاصد الضمائر والألسنة والأفكار". وبحبنا للعربية نتقرب إلى الله ولو نزل القرآن بالأمازيغية لأحببناها كما نحب لغة القرآن، والولاء للدين قبل كل شيء {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (المجادلة: 21). ونحن برءاء من كل من يكره العربية أو يبغضها أو يسيء إليها أو يقدم أي لغة من لغات الأرض عليها؛ فالعربية التي هي من الدين أولى بالعناية والاهتمام، وبعدها نصنف ما سواها حسب أولويتها وحاجة الناس إليها. وليس هذا من العصبية بل هو مقتضى التدين والانتماء. [email protected] WWW. kallali.jeeran.com