قدم الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، تقريره السنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2017، المرفوع إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية. وكشف عبد النباوي، في اللقاء الذي عقد ليلة الثلاثاء بمقر رئاسة النيابة العامة، أن قضاة النيابة العامة "خُدَّام لدى القانون، ومن يريد محاسبتنا فعليه أن يحاسبنا طبقا للقانون". وشدد الوكيل العام للملك على أنه جرى خلال سنة 2017 توجيه تعليمات للنيابات العامة ترمي إلى التفاعل الايجابي مع شكايات المواطنين، مشيرا إلى أنه سيتم تعيين قضاة إضافيين وموظفين مؤهلين للتواصل مع المرتفقين والتعجيل بالبت في شكاياتهم وتظلماتهم. وبخصوص ادعاءات الانتهاكات الماسة بحقوق الإنسان، أفاد عبد النباوي بتسجيل 44 شكاية تتعلق بالاختفاء القسري، واحدة منها تبين بعد البحث مع المعني بها أنه تم اعتقاله وفق الإجراءات القانونية وأن الأمر لا يعتبر من بين حالات الاختفاء القسري، بينما 43 شكاية ظلت الأبحاث بخصوصها سلبية. وبخصوص التعذيب والعنف وسوء المعاملة، أشار التقرير إلى التوصل ب31 شكاية، 12 منها ما تزال في طور البحث، بينما 19 تم حفظها، فيما تم حفظ أربع شكايات من أصل خمس تتعلق بالاعتقال التعسفي، وواحدة ما يزال البحث جاريا فيها. وبحسب رئيس النيابة العامة دائما، تمت متابعة ثلاثة مشتكى بهم من أجل تهم تتعلق باستعمال العنف أثناء قيامهم بمهامهم (دركي واحد ورجلي أمن) من أصل 190 فحصا طبيا، فيما 63 فحصا كانت نتائجه سلبية فتم حفظها، و124 فحصا مازالت في طور الاجراءات التقنية والقضائية. واعتبر المتحدث نفسه، بحضور عدد من المسؤولين القضائيين، أن مسألة تخفيض معدل الاعتقال الاحتياطي "تبقى من الأمور الصعبة"؛ ما دفعه إلى توجيه منشور لمعالجة الظاهرة عبر الترشيد في إصدار أوامر الاعتقال وعدم اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة، وكذا تجهيز ملفات المعتقلين الاحتياطيين بالسرعة المطلوبة والمساهمة في تعجيل البت فيها، وتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي المتوفرة. ولفت المسؤول القضائي الكبير بالمملكة إلى أنه خلال الشهرين الأخيرين من سنة 2017، ساهمت المتابعة اليومية مع النيابات العامة "في تحقيق تخفيض مهم لنسبتهم (المعتقلين الاحتياطيين)، حيث أصبحوا في نهاية سنة 2017 فقط 40.66%، أي تخفيض حوالي نقطتين عن شهر أكتوبر الذي انتقلت فيه السلطة على النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض". وشدد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض على أن السياسة الجنائية بالمغرب تعرف مجموعة من التحديات المرتبطة أساسا بعدد المحاضر المنجزة من لدن مصالح الشرطة القضائية مقارنة مع عدد أعضاء النيابة العامة بالمحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف. وكشف في هذا الصدد أنه خلال السنة المنصرمة، توصلت النيابات العامة ب1.346.597 محضرا، من بينها حوالي 579.377 قضية سجلتها مصالح الشرطة القضائية للأمن الوطني، تم خلالها توقيف 541.140 شخصا، من بينهم 162.597 مبحوثا عنه؛ ما يعني، بحسب عبد النباوي دائما، أن معدل المحاضر لكل قاض من قضاة النيابة العامة يتجاوز 1450 محضرا سنويا. ينضاف إلى ذلك، يضيف المسؤول نفسه، "العديد من الصعوبات العملية المتصلة بالجانب المادي واللوجستيكي والبشري التي ترفع من صعوبة تنفيذ السياسة الجنائية، وتتطلب جهودا وإمكانيات مادية وبشرية من أجل تدبير هذا التنفيذ بحكامة". وتتمثل الإكراهات التي تعيق عمل النيابات العامة في الموارد البشرية أساسا؛ إذ أكد عبد النبوي على الحاجة الملحة إلى توفير موارد كافية من حيث عدد القضاة وموظفي كتابتها من أجل تخفيف عبء كمية الملفات التي يتم البت فيها. إلى جانب ذلك، هناك إكراهات مادية، يورد المسؤول القضائي ذاته، مشددا على أن تحسين ظروف العمل يشكل حافزا أساسيا على مستوى المردودية بالنسبة للموارد البشرية، مشيرا إلى معاناة بعض النيابات العامة من نقص في الإمكانيات التقنية، ولا سيما ما تعلق بالبرمجيات المعلوماتية. وختم رئيس النيابة العامة تقريره السنوي حول تنفيذ السياسة الجنائية بأن الوكلاء يسعون إلى تغيير نظرة "الغرّاق" التي يحملها المغاربة عن هذا الجهاز، مشددا على أنه "لا يجب أن يغيب عن الذهن أنها (النيابة العامة) لا تخاصم إلا من يشتبه فيه بأنه خالف القانون، وتخاصم المتهمين والمشتبه فيهم باسم المجتمع ولفائدته".