لا شك أن منتخب فرنسا هو أحد القوى الكبرى في كرة القدم في العالم وداخل القارة الأوروبية، وسيكون أحد الساعين بقوة للمنافسة على لقب كأس العالم الصيف المقبل في روسيا، لاسيما وأنه ذاق حلاوة الفوز بلقب البطولة الأرفع شأنا على سطح الأرض والمحفل الرياضي الذي يحظى بمتابعة الجميع قبل 20 عاما عندما كان البلد المضيف. وبعد محاولات مستمرة لتكرار الإنجاز الأبرز في تاريخ الكرة الفرنسية، بعضها شهد نتائج كارثية وخروج مهين مثلما حدث في نسختي 2002 بكوريا الجنوبية واليابان و2010 بجنوب أفريقيا، حيث لم تكتف بتوديع البطولة من الباب الصغير من دور المجموعات فحسب، بل احتلت أيضا قاع المجموعة في كلتيهما. بينما كاد إنجاز 1998 أن يتكرر في الأراضي الألمانية في 2006 عندما تأهل المنتخب للنهائي بقيادة النجم زين الدين زيدان، المدير الفني الحالي لريال مدريد الإسباني، قبل أن يتبخر الحلم عند محطة ركلات الترجيح أمام إيطاليا. وسيبحث أبناء ديدييه ديشامب خلال ظهورهم ال15 بالمونديال عن العودة ل"الصياح" مجددا، وهو ما وضح خلال مشوار التصفيات القارية، عندما احتلوا الصدارة ضمن مجموعة ضمت أيضا هولنداوالسويد، التي تأهلت في مرحلة الملحق، وبلغاريا ولوكسمبورج وبيلاروسيا. وكانت محصلة فرنسا في التصفيات 23 نقطة، من 10 مباريات، ب7 انتصارات وتعادلين وخسارة وحيدة كانت على يد السويد، وسجل 18 هدفا بينما استقبلت شباكه 6 أهداف. أما فيما يتعلق بقرعة المونديال، فكانت رحيمة ب"لو بلو" عندما أوقعته في المجموعة الثالثة "المتوازنة" إلى جانب منتخبات الدنمارك وأستراليا وبيرو. وفي إطار استعداداته الأخيرة للمونديال، خاض المنتخب الفرنسي مواجهتين وديتين خلال الأجندة الدولية لشهر مارس، حيث كانت الأولى في عقر داره على ملعب "دو فرانس" أمام كولومبيا وانتهت بخسارة درامية، لرفاق أنطوان جريزمان الذين لم يحافظوا عل تقدمهم بهدفين ليخسروا في النهاية (2-3). أما المباراة الثانية، فكانت على حساب البلد المضيف، روسيا، بنتيجة (3-1)، بينما ستكون المحطة الأخيرة في هذه التحضيرات خلال نهاية ماي وبداية يونيو المقبلين أمام جمهورية أيرلندا وإيطاليا والولايات المتحدة على الترتيب. وقبيل أيام من انطلاق المونديال واصل المنتخب الفرنسي انتصاراته بفوزه وديا على جمهورية أيرلندا بثنائية نظيفة. ولا شك أن فرنسا تحظى بكتيبة رائعة من اللاعبين في كل مركز بداية من هوجو لوريس، حارس مرمى توتنهام هوتسبر، في حراسة المرمى مرورا بثنائي الدفاع الشابين صامويل أومتيتي ورافائيل فاران، لاعبي برشلونة وريال مدريد على الترتيب. أما في خط الوسط، فهناك بول بوجبا، نجم مانشستر يونايتد الإنجليزي، ونجولو كانتي، لاعب تشيلسي، وبليز ماتويدي، لاعب يوفنتوس الإيطالي. بينما تكمن قوة فرنسا الكبرى في خط الهجوم الذي يحظى بتواجد أسماء من العيار الثقيل مثل نجم أتلتيكو مدريد الإسباني والمتوهج خلال النصف الثاني من الموسم، أنطوان جريزمان، وإلى جانبه نجم باريس سان جيرمان، كيليان مبابي، وعثمان ديمبيلي، نجم برشلونة، بالإضافة لكل من أوليفييه جيرو (تشيلسي) ونبيل فقير (أولمبيك ليون). بيرو تبحث عن مفاجأة بعد غياب 36 عاما عن المونديال ثاني فرق المجموعة وهو المنتخب البيرواني الساعي للظهور بشكل قوي بعد 36 عاما من الغياب عن المحفل الكروي الأبرز على سطح الأرض، تحت قيادة المدرب المتألق ريكارد جاريكا الذي أعاد "البلانكيروخا" مجددا على الساحة. ويدرك أبناء المدرب الأرجنتيني أن المهمة لن تكون سهلة لاسيما مع تواجدهم في مجموعة تضم منتخب بقوة فرنسا الذي يضم بين صفوفه أسماء من العيار الثقيل أبرزهم جريزمان ومبابي، بينما سيكون تركيزهم بالطبع على كيفية الفوز في مواجهتين تعتبران متكافئتين نظريا أمام أستراليا والدنمارك. وفي حالة تخطي بيرو للدور الأول، ستكون المرة الثانية التي يتحقق فيها هذا الإنجاز بعد مونديال 1970 بالمكسيك، إلا أنها ستصطدم بمواجهة قوية منتظرة في هذا الدور أمام المتأهلين من المجموعة الرابعة التي تضم الأرجنتين وكرواتيا ونيجيريا وآيسلندا. وكان بيرو آخر المنتخبات التي حجزت بطاقة التأهل لروسيا بعدما أنهت مرحلة الملحق بالتفوق على نيوزيلندا، ممثل الأوقيانوس. وما يبعث على التفاؤل بين الجماهير البيروانية هو الأداء القوي لمنتخبها في النسخة الأخيرة لكوبا أمريكا والمباريات الأخيرة في التصفيات القارية، التي لم تعرف خلالها الخسارة خلال آخر 6 مباريات، لتقتنص المركز الخامس الذي أهلها في النهاية لخوض الملحق. ويسود التفاؤل جمهور بيرو بعد ظهور اسم النجم باولو جيريرو ضمن قائمة المنتخب، إذ يعد مهاجم فلامنجو البرازيلي هو الهداف التاريخي ل"البلانكيروخا" ب32 هدفا، كما أنه يتصدر قائمة هدافيه في التصفيات الحالية بستة أهداف، هذا بالإضافة لقيادته لبيرو لإحراز المركز الثالث في نسختي 2011 و2015 بكوبا أمريكا. ويتطلع المنتخب اللاتيني لتفجير مفاجأة في بداية مشوار المونديال عندما يواجه فرنسا يوم 21 يونيو بمدينة إيكاترينبورج، لتكرار ما فعله في المواجهة الوحيدة التي جمعتهما استعدادا لمونديال 1982 بإسبانيا والفوز بهدف نظيف سجله خوان كارلوس أوبليتاس، المدير الرياضي الحالي للاتحاد البيرواني للعبة. الدنمارك ورحلة البحث عن أمجاد جيل 1998 الذهبي بعدما أوقعته القرعة ضمن المجموعة الثالثة إلى جانب منتخبات فرنساوأستراليا وبيرو، يأمل منتخب الدنمارك أن تكون عودته للمونديال بعد غياب 8 سنوات منذ آخر ظهور له في 2010 بجنوب أفريقيا، بشكل يرضي طموحات جماهيره ويعيد للأذهان ما حققه جيل 1998 الذهبي في مونديال فرنسا وتحقيق أبرز إنجاز في تاريخ الكرة الدنماركية. وفي تلك النسخة كان منتخب "أحفاد الفايكنج" بمثابة الحصان الأسود للبطولة واستطاع أن يحتل أولا المركز الثاني في دور المجموعات خلف صاحبة الأرض فرنسا، في مجموعة ضمت أيضا منتخبي جنوب أفريقيا والسعودية، قبل أن يواصل مسيرته حتى دور الثمانية قبل أن يودع على يد البرازيل بصعوبة في مباراة مثيرة انتهت بنتيجة (3-2). ولعل ذاك الجيل هو أبرز ما أنجبته الكرة الدنماركية، إلى جانب جيل 1992 الذي تم تجميع عناصره من على شواطئ أوروبا خلال عطلة الصيف بعد نهاية الموسم الكروي ليفاجئ الجميع ويحصد اللقب الوحيد في خزائنه (يورو 1992 بالسويد)، حيث كان يضم أسماء بحجم أسطورة حراسة المرمى في العالم، بيتر شمايكل، والأخوين برايان ومايكل لاودروب. ولم يكن مشوار التأهل للمونديال الروسي بالنسبة للدنمارك سهلا مع وجود منتخب بقوة بولندا، المتصدر والمتأهل مباشرة للمونديال، إلا أنها بعدما حلت كوصيفة بالمجموعة الخامسة، لم تجد أي معاناة في اكتساح أيرلندا الشمالية (5-1) في إجمالي مواجهتي الملحق. وحقق المنتخب الدنماركي خلال مشوار التصفيات، متضمنا مباراتي الملحق، 7 انتصارات و3 تعادلات وخسارتين، وسجل لاعبوه 25 هدفا بينما استقبلت شباكه 9 أهداف، أما لقب الهداف فكان من نصيب نجم الفريق كريستيان إريكسن برصيد 11 هدفا. وفي محطته قبل الأخيرة استعدادا لكأس العالم، خاض "الأحمر والأبيض" مباراتين خلال شهر مارس الماضي يحملان النكهة اللاتينية أمام بنما وانتهت بفوز الدنمارك بهدف نظيف، بينما جاءت المواجهة الثانية أمام تشيلي سلبية. بينما ستكون التجربة النهائية للمنتخب الإسكندنافي في 2 يونيو المقبل أمام الجارة السويد، ثم أمام المكسيك. وعلى الرغم من امتلاكه أسماء بارزة في بعض المراكز أمثال كاسبر شمايكل في حراسة المرمى، ليستر سيتي الإنجليزي، وكريستيان إريكسن، نجم وسط توتنهام هوتسبر الإنجليزي، وثنائي الهجوم بيوني سيستو، والمخضرم نيكلاس بيندتنر، إلا أن القوة الرئيسية لهذا المنتخب تكمن في أسلوب لعبه الجماعي فضلا عن القوة الجسمانية للاعبيه. أستراليا... من تسيد القارة الصفراء للبحث عن مقعد وسط أباطرة العالم لا شك أن منتخب أستراليا بات أحد القوى التي لا يستهان بها داخل القارة الآسيوية خلال العقد الأخير منذ انضمامه لاتحاد القارة الصفراء في الأول من يناير عام 2006 ، بعد أن كان يلعب ضمن منطقة الأوقيانوس، وهو ما وضح جليا في بطولة آسيا الأخيرة التي نظمها قبل ثلاث سنوات واستطاع أن يظفر بلقبها بعد نسختين منذ أول مشاركة له في 2007 ، ليصبح أحد المتواجدين الدائمين في كأس العالم حيث شارك في ثلاث نسخ متتالية 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا و2014 بالبرازيل. إلا أن طموح "السوكيروس" سيكون بالطبع البحث عن مكانا لهم وسط أباطرة الساحرة المستديرة في العالم خلال مشاركتهم الخامسة في كأس العالم بروسيا الصيف المقبل، حيث سيتواجدوا ضمن المجموعة الثالثة التي تضم أيضا فرنسا والدنمارك وبيرو، ولم لا تجاوز أفضل إنجاز في تاريخهم وهو بلوغ دور ال16 في ألمانيا قبل 12 عاما قبل أن يودعوا البطولة على يد إيطاليا وبصعوبة بالغة بهدف في الوقت القاتل من ركلة جزاء. وما يزيد من طموح المنتخب الآسيوي في تحقيق نتائج قوية على الأراضي الروسية هو وجود مدرب قدير على مقعد المدير الفني وهو الهولندي بيرت فان مارفيك الذي تولى القيادة الفنية منذ يناير الماضي خلفا للمدرب الوطني، ذو الأصول اليونانية، أنجي بوستيكوجلو، الذي استقال من منصبه عقب قيادته لأستراليا لبلوغ هذا العُرس العالمي في مرحلة الملحق على حساب هندوراس منتصف نوفمبر الماضي. وحسنا فعل الاتحاد الأسترالي عندما وقع اختياره على صاحب ال65 عاما، لاسيما وأنه يمتلك خبرة كبيرة داخل القارة الصفراء بعدما قاد المنتخب السعودي بجدارة وبأداء أجمع الخبراء على روعته للتأهل لمونديال روسيا بعد غياب 12 عاما، ومن قبله منتخب هولندا لمونديال جنوب أفريقيا في 2010. ولن يكون مارفيك فقط هو سر قوة بطل آسيا، بل إنه سيتسلح أيضا بتواجد قائده المخضرم، تيم كاهيل، الذي كان سببا رئيسيا في تأهل منتخب بلاده لمونديال روسيا بعدما سجل 11 هدفا خلال مشوار التأهل بداية من الأدوار الأولى حتى الوصول للمحطة النهائية في الملحق، من إجمالي 51 هدفا تم تسجيلها. ويبدو أن عامل السن، 38 عاما، لن يكون عائقا أمام هذا المهاجم الكبير وصاحب الباع الطويل في ملاعب المستديرة الساحرة، خاصة وأنه يحتل صدارة هدافي منتخب بلاده عبر التاريخ برصيد 50 هدفا، منها خمسة أهداف سجلها في مشاركاته الثلاث السابقة بالمونديال، ويبدو أنه في طريقه ليصبح أحد القلائل في نادي الهدافين الذين هزّوا الشباك بأربع نسخ من كأس العالم. لاعب آخر تعول أستراليا عليه كثيرا في روسيا وهو القائد ميلي جيديناك، مدافع استون فيلا الإنجليزي، والذي كان صاحب الفضل الأكبر في حسم موقعتي الملحق أمام هندوراس عندما تألق بثلاثة أهداف "هاتريك" في مباراة الإياب التي انتهت بنتيجة (3-1)، بينها هدفين من علامة الجزاء. وعلى الرغم من موقعه كمدافع إلا أن اسم جيديناك يظهر ضمن هدافي المنتخب الأسترالي عبر تاريخه ب18 هدفا، منها 10 خلال مشوار تصفيات المونديال الروسي، ليحتل المركز الثاني خلف كاهيل، هداف الفريق، وهو ما يعكس قيمته الكبيرة داخل الفريق سواء من فيما يتعلق بقيادته الرائعة للخط الخلفي، أو المساهمة في الواجب الهجومي. إلا أن كل هذه العوامل اصطدمت بنتائج تبعث على القلق داخل نفوس الجماهير الأسترالية خلال فترة التوقف الدولي الأخيرة في مارس الماضي، حيث خاضت أستراليا مباراتين، تلقت في الأولى خسارة كبيرة على يد النرويج بنتيجة (4-1)، ثم تعادلت سلبيا أمام كولومبيا. وبالطبع سيحاول فان مارفيك ترتيب أوراقه وتصحيح أوضاعه خلال البروفة الأخيرة قبل خوض غمار المونديال عندما يخوض وديتين خلال الأسبوع الأول من شهر يونيو/حزيران المقبل أمام جمهورية التشيك والمجر على الترتيب.