مازال التَّواجُد الكبير للجهاديين المغاربة في إسبانيا يُشكل مصدر قلق لحكومة مدريد، التي دَعَتْ مُؤخراً المغرب إلى تكثيف التعاون الاستخباراتي والأمني والقضائي بين البلدين من أجل مواجهة تهديدات إرهابية مستقبلية محتملة، خاصةً في ظل حديث عن اعتقال 75 مغربياً مشتبها فيهم في مختلف المدن الإسبانية ما بين سنتي 2016 و2017، كانوا يَنْشُطُونَ ضمن منظمات إرهابية عالمية، في مقدمتها تنظيم "داعش" المتطرف. وفي هذا السياق، كشف تقرير حديث أصدره المركز التذكاري لضحايا الاعتداءات الإرهابية أن "33 مغربياً اعتقلوا سنة 2016، فيما تم اعتقال 44 مغربيا آخر في 2017"، مشيراً إلى أن "المغاربة المعتقلين يمثلون 57.3 في المائة من أصل 76 معتقلا من مختلف الجنسيات، ليحتلوا بذلك المرتبة الأولى، متبوعين بالإسبان الذين يمثلون 29.3 في المائة ب 23 معتقلا، فيما تم اعتقال جزائريين ودانماركيين ومصريين ومكسيكي وباكستاني". وكانت إسبانيا قد أعلنت في وقت سابق أنها ألقت القبض، خلال الفترة المُمتدة ما بينَ 2013 و2017، على ما مجموعه 233 جهاديًا، بينما توفي ثمانية آخرون في أحداث برشلونة وكامبريلس، مبرزة أن 89.6 في المائة من المعتقلين أو المتوفين هم رجال تتراوح أعمارهم ما بين 18 و38 سنة لحظة اعتقالهم. وأظهرت إحصائيات التقرير الإسباني ذاته ارتفاع عدد المغاربة المعتقلين في السجون الإسبانية بتهم مرتبطة بالإرهاب خلال السنتين الأخيرتين، محذرةً من مغبَّة استغلالهم من طرف تنظيمات إرهابية مثل "داعش"، الذي تبنى الاعتداء الذي نفذه 11 مغربياً في برشلونة يوم 17 غشت الماضي وخلف 15 قتيلاً وعشرات الجرحى. وفي محاولة منه لجرد عدد المغاربة المعتقلين في إسبانيا، أورد تقرير المركز التذكاري، الذي يتخذ من العاصمة مدريد مقراً له، أن "المغاربة يتصدرون لائحة الموقوفين ضمن 8 جنسيات تتوزع على دول أوروبية وعربية، وشكلوا إلى جانب الإسبان حوالي 87٪ من الاعتقالات". وقال التقرير إن "المغاربة ال 44 الذين تمَّ اعتقالهم شكلوا 57.3٪ من إجمالي عدد الاعتقالات التي تمت خلال سنة 2017، متصدرين بذلك لائحة الجهاديين المعتقلين في سجون مدريد". وتابع التقرير الأمني أن "الإسبان حلوا في المرتبة الثانية من حيث عدد الجهاديين المعتقلين؛ إذ أسفرت الأبحاث عن اعتقال 23 شخصا يمثلون 29.3٪ من مجموع الاعتقالات. وتنقسم بقية الاعتقالات بين مواطنيْن جزائرييْن وبنغلادشي واحد، ودنماركيّيْن، ومصريّيْن، ومكسيكي واحد، وباكستان واحد. ولفت المركز التذكاري لضحايا الإرهاب إلى أن ثلث الجهاديين ال 76 المزعومين الذين نفذوا عمليات إرهابية في إسبانيا عام 2017، ألقي القبض عليهم في كاتالونيا، وهو ما يعكس "وجود بؤر متطرفة مهمة في كاتالونيا"، تليها جيرونا بثمانية موقوفين، وتاراغونا بموقوفين اثنين، وليدا بمعتقل واحد. وفي هذا الصدد، يؤكد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الانسان، أن "السجون الاسبانية تعجُّ بالمهاجرين المعتقلين على خلفية جرائم الحق العام، واختلاطهم بعناصر تؤمن بالفكر المتطرف يجعلهم ضحايا استقطاب ويخلق منهم قنابل موقوتة مستعدة للانفجار في أي لحظة". وأوضح الناشط الحقوقي أن "رفض مدريد ترحيل عناصر مطلوبة أمنياً لدى السلطات المغربية نظراً لالتزاماتها الحقوقية، وعدم توفرها على برنامج تأهيلي لدفعهم إلى تغيير قناعاتهم المتطرفة، يجعل هؤلاء السجناء يخسرون معركتهم مع التطرف والإرهاب، وهو ما نعاينه في الجارة الشمالية إسبانيا ذاتها، وحتى في بلجيكا، ونسبياً في فرنسا".