في سياق "الرَّفض العارم" الذي اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي، إثر مشاركته في وقفة عمال "سنطرال" أمس، أمام البرلمان، وَرَفْعِهِ إلى جانب المحتجين شعارات مُناوئة للحكومة والمُقاطعين، وجد لحسن الداودي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، نفسه أمام موجة من الانتقادات الحادَّة، وصلت حدَّ إطلاق عريضة ونداءات مُوجهة إلى الملك محمد السادس للمطالبة بإقالته وعزله من منصبه الحكومي. وفي الوقت الذي ستجتمع فيه، اليوم، الأمانة العامة للحزب، لمناقشة تداعيات مشاركة الوزير الداودي في وقفة "عمال سنطرال"، وما خلفته من ردود فعلٍ مشجبة استهدفت رأس الحزب الحاكم، اهتدى نشطاء إلى إطلاق هذه العريضة على موقع "أفاز" العالمي، المتخصص في العرائض، حملت عنوان "عريضة لتوقيع ملتمس للملك لعزل الوزير الداودي: جلالة الملك محمد السادس"، وفق تعبير نص العريضة. العريضة، التي تمكَّنت من جمع مئات توقيعات المغاربة في وقت وجيز، توجَّهت بخطابها إلى "الملك محمد السادس، بصفته ممثل الأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو الساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين"، من أجل مطالبته بعزل لحسن الداودي، بعدما شارك في وقفة احتجاجية إلى جانب عمال "سنطرال"". ووصف نص العريضة مشاركة الوزير الإسلامي في وقفة عمال شركة "سنطرال" أمام البرلمان ب"غير المسؤولة ولا تليق بمسؤول حكومي مفروض أن يلتزم بمبدأ الحياد، لا أن يرفع وسط جموع المحتجين شعارات ضد حملة المقاطعة"، مورداً أن "هذا التصرف اللامسؤول يُسيء إلى العمل السياسي في المغرب". وتوجه نص العريضة، التي قام بمشاركتها العديد من نشطاء "الفايسبوك"، إلى الملك محمد السادس بالقول: "نلتمس من جلالتكم بكل احترام وتقدير بصفتكم ممثل الأمة ورمز وحدتها وضامن دوام الدولة واستمرارها، والساهر على احترام الدستور، وصيانة حقوق وحريات المواطنين، التدخل للعمل على عزل الوزير لحسن الداودي من مهامه الحكومية". ولم يقف الأمر عند حد إطلاق عريضة تطالب بعزل الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة في حكومة العثماني، بل امتدَّ إلى إصدار نداء وقعه عدد من النشطاء بمن فيهم أعضاء حزب "العدالة والتنمية"، دعوا فيه "الجالس على العرش" إلى التدخل من أجل وضع حدِّ لتجاوزات وزراء العثماني، وقال النداء: "بين مداويخ وجياع ومجهولين تعددت المهانات يا جلالة الملك، وكل ذنب شعبك أنه لم يحتج في شارع ولم يرفع صوتاً بنداء جارح بل فعل كما يفعل السباقون إلى التطور والحداثة وطالبوا من وضعت فيهم ثقتك ليهتموا بشؤون البلد أن يترفقوا بجيوب الفقير". وأضاف النداء: "يا جلالة الملك، إنه لمن الصادم أن يدافع من اخترناهم للدفاع عنا أن يدافعوا على أرباب الشركات ولم يكلفوا أنفسهم عناء مناقشة الفكرة تحت قبة البرلمان"، قبل أن يضيف: "يا جلالة الملك، وبما أن الوقت طال دون أن تتفاعل الحكومة بجدية مع مطالب شعبك البسيطة؛ فإن هذا الشعب وهو مدرك لحجم مسؤولياتك لجأ إليك لتنصفه من لا مبالاة الساسة وإمعانهم في إذلاله وكأنهم لم يستوعبوا أيا من خطاباتك". في السياق، قال عبد العالي الرامي، الناشط الحقوقي والمشرف على عريضة "العزل"، إن "توالي استفزازات وزراء العثماني دفعتنا إلى التوجه إلى الملك"، وقال: "كان مفروض على الوزير أن يبحث عن الحلول لا أن يُلقن الشعارات وأن يخرج بتصريحات استفزازية تصب المزيد من الزيت على النار خصوصاً في هذه الظرفية الاجتماعية والسياسية "الحساسة"، وزاد: "شيء مؤسف أن يَصْدُر هذا التَّصرف "الشارد" من وزير ينتمي إلى حكومة مسؤولة أمام الشعب". وأورد الرامي: "لا يمكن لوزيرٍ في الحكومة أن ينزل مع العمال؛ لأن هذا فيه تناقض، ولا ندري ما هي الرسائل التي أراد أن يبلغها من وراء إقدامه على هذه الخطوة"، متسائلاً "هل هو تحدّ للبرلمانيين أو تحدّ للشعب الذي يدعو إلى المقاطعة أم أن له دوافع أخرى". من جانبه، قال الإطار الاقتصادي مصطفى العمراني "إنها المرة الأولى في التاريخ السياسي التي يخرج فيها وزير من الحكومة للاحتجاج على حرية من حريات الشعب وهي حق اختيار أي منتوج يستهلكه في اقتصاد حر"، مورداً أن "الوزير أظهر انحيازاً كلياً لشركة واحدة من بين الشركات الثلاث وهي ملكية خاصة وليست عمومية، وليست الشركة الأولى التي يواجه جزء من عمالها خطر البطالة". وتابع العمراني: "كوزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة والحكامة هو المسؤول الأول عن مراقبة الأسعار، خاصة في القطاعات المحررة حديثا وفي شهر رمضان الذي تكثر فيه المضاربات والكل يعرف ما يقع حاليا من ارتفاع في جميع الأسعار".