لم يفهم كثير من المغاربة الضجة التي أقامها المغرب بخصوص اقتحام البوليساريو لتفاريتي وتهديدها بالتدخل العسكري. فالمنطقة كانت دائما محط تظاهرات ومؤتمرات، بل ومرافق للبوليساريو؛ غير أن سعي الجبهة إلى نقل جزء من المخيمات إلى تفاريتي له ما بعده لأنه جاء بعد مخطط الكركرات، ويخشى أن تكون تفاريتي، كشقيقتها الكركرات، منطقتين مختلفتين بمشروع واحد. نظرية "لا تفكر في الفيل" عندما كان الزعيم ابراهيم غالي يصرح بأن البوليساريو "لن تعيش حالة اللجوء الأبدي" في التراب الجزائري، ظن كثير من المغاربة أنه كلام الليل الذي يمحوه النهار، والحقيقة أنه تجسيد للنظرية اللسانية الشهيرة لصاحبها جورج لاكوف التي تقول: "إذا قلت لا تفكر في الفيل، فانه حتما ستفكر فيه". فالذي أرادته الميليشيا من تعبير "لن تعيش حالة اللجوء الأبدي" هو أن يعتقد المغاربة أنها ستعيش حالة اللجوء الأبدي، وكذلك كان؛ حيث وصفت الحكومة المغربية التصريح بأنه انعكاس لحالة "اليأس والتفكك". وبالأسلوب نفسه، قامت الحكومة الجزائرية بدعم برنامج سياحي يهدف إلى الترويج للأماكن السياحية في الجزائر تحت عنوان "لا تذهب إلى الجزائر"، حتى يكون دافعا للذهاب إليها. هدف البوليساريو إذن هو صد المغاربة عن التفكير في جدية إنهاء حالة اللجوء وتحرير "الصحراء الغربية"، وإخفاء حزمها على الحسم كما هي حقيقة الحال. التطبيع مع الجار الجديد تبدأ الخطة بتواجد البوليساريو بمنطقة الكركرات قريبا من منفذ المغرب الوحيد نحو إفريقيا، ليقع للدولة تطبيع نفسي مع الوضع الجديد، كما عرّفه علماء النفس مثل فوكلت، على غرار التطبيع النفسي الذي وقع عند استحواذ البوليساريو على 20 في المائة من أراضي الصحراء التي انسحب منها المغاربة فصارت عازلة عند المغاربة، وصحراوية محررة عند البوليساريو. نقل جزء من المخيمات إلى الكركرات تحدثت مصادر قريبة من دوائر القرار في جبهة البوليساريو عن كون الجبهة "تستعد لنقل بعض العائلات الصحراوية إلى منطقة الكركرات. التبرير الرسمي هو رغبة الجزائر في إزالة مخيم يقع بالقرب من منجم الجبيلات، الذي تقول السلطات الجزائرية إنه يتوفر على أكبر احتياطي عالمي من الحديد، وإنها تنوي الشروع في استغلاله. توطين جزء من المخيمات في منطقة الكركرات يهدف إلى الإعداد للمسيرة الخضراء الثانية. وزير دفاع البوليساريو، عبد الله حبيب، كان أكثر وضوحا عندما صرح بأن منطقة الكركرات "ليست هدفا في حد ذاتها، هي جزء من الأراضي المحررة التي نمارس عليها سيادتنا من أجل انتزاع حق الشعب الصحراوي في الاستقلال". معظم العائلات المنقولة هي من أقارب أفراد ميليشيات جبهة البوليساريو المتمركزة في منطقة الكركرات؛ إذ بسبب رابطة الدم ستضمن الجبهة ولاء العائلات للمخطط، عوض الالتحاق بالوطن الأم بشعار "إن الوطن غفور رحيم". المسيرة الخضراء الثانية وغاز التخدير سيكون المغاربة على موعد مع تطبيق حي لمثلهم الشهير "باش قتلتي باش تموت" عندما تدق ساعة الحقيقة وتتحرك آلاف النساء والأطفال نحو مدينة الداخلة حاملين أعلام "الجمهورية الصحراوية"، عابرين بشكل جماعي ومباغت معبر الكركرات، وبحماية من أعضاء مسلحين في الجبهة، تماما كما فعل الجيش المغربي أثناء حمايته للمشاركين من العسكر الاسباني أثناء المسيرة الخضراء سنة 1975. من المحتمل أن يستعمل البوليساريو غاز التخدير الذي يجعل حرس معبر الكركرات عاجزين عن الوعي بما يدور حولهم. قد يكون الغاز نسخة معدلة من غازات استعملتها القوات الخاصة الروسية أثناء تحرير Fluothane أو Penthrane, أو Neothyl، مسرح موسكو من المسلحين الشيشانيين. تدخل مجلس الأمن وتوسيع صلاحيات المينورسو مع سقوط ضحايا من المدنيين سيتحرك بعض الدول الصديقة للبوليساريو لدعوة مجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ قصد وقف إطلاق النار حماية للمدنيين. سيكلف مجلس الأمن المينورسو بمراقبة الوضع من خلال توسيع صلاحياتها، وبالتالي سيقع المغاربة كانوا دائما منه يحذرون. سيصعب على فرنسا استعمال الفيتو حتى لا تكون مسؤولة عن سفك دماء المدنيين. توسيع صلاحيات المينورسو يعني تحييد القوات المغربية وإلغاء الصلاحيات الإدارية للمغرب في الأقاليم الجنوبية. سيكون ذلك سهلا لأن أمريكا سبق وأن طالبت سفيرتُها في الأممالمتحدة بتوسيع صلاحيات المينورسو، لكن القرار تعطل بسبب تدخل فرنسا وبسبب غياب المبرر الطارئ على الوضع آنذاك. بينما بسبب حالة الفوضى التي ستخلقها المسيرة الخضراء الثانية، ولسقوط الضحايا من الأطفال والنساء، فسيكون الأمر الطبيعي هو توفير الحماية الدولية للمدنيين، خاصة أن الأممالمتحدة لا تعترف بسيادة المغرب على صحرائه بل تعتبرها غير محكومة ذاتيا. سيكون المغرب آنذاك تحت خيار المفاوضات المؤدي إلى قبول "Non-Self-Governing Territory"، الاستفتاء على غرار تيمور الشرقية وجنوب السودان، أو التقسيم على غرار فلسطين.