واشنطن تبدأ تفعيل الرسوم الجديدة    ديكلان رايس نجم أرسنال ضد الريال    البايرن ميونخ والهزيمة الغير المتوقعة أمام الانتر    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية        دينامية شبابية متجددة.. شبيبة الأحرار بأكادير تطلق برنامج أنشطتها بروح المبادرة والتغيير    الجيش يغادر دوري أبطال إفريقيا    الشعباني: "التأهل لم يُحسم بعد"    مارك روبيو: واشنطن ما تزال تؤمن بأن حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد لقضية الصحراء    توقيف شابة لتورطها في تسجيل ونشر محتويات رقمية تحرض على العنف والتشهير    توقيف شابة لتورطها في نشر محتويات رقمية تتضمن تحريضاً وإشادة بأفعال إجرامية ضد فتاة    النفط يهبط لأدنى مستوى منذ 4 سنوات.. تراجع سعر البرميل إلى أقل من 60 دولارًا    الهجرة الجديدة من "بلاد كانط".. خوف من المستقبل أم يأس من التغيير؟    انتخاب المغرب في مكتب لجنة الديمقراطية وحقوق الإنسان داخل الاتحاد البرلماني الدولي    الولايات المتحدة الأمريكية تجدد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء    تساؤلات حول مصير سفير الجزائر بواشنطن بعد تجديد الدعم الأمريكي لسيادة المغرب على صحرائه الغربية    الراية المغربية ترفرف في باماكو وسط احتجاجات ضد دعم تبون للإرهابيين    دوري أبطال أوروبا.. أرسنال يصعّب مهمة الريال وإنتر يهزم بايرن في ميونيخ    توقيع اتفاقية شراكة بين مؤسسة محمد السادس للأعمال الاجتماعية لموظفي الأمن الوطني ووكالة إنعاش وتنمية الشمال    قرعة بطولة العالم لكرة اليد للناشئين أقل من 19 سنة (مصر 2025) .. المنتخب المغربي في المجموعة الثانية    الترويج لوجهة المغرب: لONMT يطلق جولة ترويجية كبرى بتورنتو وبوسطن وشيكاغو    لشكر يُشهر ملتمس الرقابة.. وأوزين يُحرج نواب الاستقلال أمام "الفراقشية"    المغرب وكوريا الجنوبية يسرعان مفاوضات الشراكة الاقتصادية    تتويج وكالة "الاستثمارات والصادرات"    وزارة التشغيل تخرج عن صمتها وتوضح بشأن عملية الاختراق    الرباط.. وزير الداخلية يستقبل نظيره الغامبي    الوزير قيوح: المغرب يعزز أمنه الجوي ويقود جهود التعاون الدولي لمواجهة التحديات في مناطق النزاع    منخفض "أوليفيي" يعيد الأمطار والثلوج إلى مختلف مناطق المملكة    المصادقة بجماعة دردارة على نقاط دورة أبريل والسبيطري يؤكد منح الأولوية للمشاريع التنموية    دروس ما وراء جبهة الحرب التجارية    أخبار الساحة    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    في افتتاح الدورة 25 لفعاليات عيد الكتاب بتطوان: الدورة تحتفي بالأديب مالك بنونة أحد رواد القصيدة الزجلية والشعرية بتطوان    محاولة تهريب الحشيش تقود مغربيًا إلى السجن في سبتة    الشعب المغربي يخلد ذكرى الرحلتان التاريخيتان للمغفور له محمد الخامس لطنجة وتطوان يوم 9 أبريل    شبكةCNBC : مايكروسوفت تفصل المهندسة المغربية ابتهال لرفضها التعاون مع إسرائيل    المغرب يتصدر التحول الرقمي الإفريقي بإنشاء مركز إقليمي للذكاء الاصطناعي    حادث يقتل 4 أشخاص قرب كلميمة    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    الدولار يتراجع وسط تزايد مخاوف الركود    عرض ماسة زرقاء نادرة قيمتها 20 مليون دولار في أبوظبي    القناة الأولى تكشف عن موعد انطلاق الموسم الجديد من برنامج "لالة العروسة"    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    الوداد بلا هوية .. و"الوينرز" تدق ناقوس الخطر    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    "قمرة" يساند تطوير سينما قطر    ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات السياحية الداخلية بالصين خلال عطلة مهرجان تشينغمينغ    بين نور المعرفة وظلال الجهل    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كاد المعلم أن يكون مهزلة!
نشر في هسبريس يوم 24 - 05 - 2018

لا حاجة لنا بالحديث عن قيمة المعلم وعن أهميته في حياتنا خاصة وفي المجتمع عامة، ولا حاجة لنا بأن نعيد ونكرر حقيقة أن أساس المجتمعات قائم أساسا على التعليم هذا الأخير الذي يعد نبراسا للعقول وسط الظلام الحالك الذي صرنا نعيشه ونعايشه.
وبما أننا شعب يحفظ الشعارات ولا يطبقها ولا يؤمن بها فلا عجب أن يصبح المعلم في زمننا عرضة للمهزلة وموضوعا مثيرا للسخرية.
وقبل أن أسهب في الحديث عن وضع المعلم في عصرنا، لا ضير إن عدنا قليلا للوراء لنتذكر كيف كانت مكانته وعلاقته بالتلاميذ آنذاك، ربما يساعدنا الرجوع على التقدم.
كان المعلم قديما ملك قسمه ما إن تحط قدماه باب المدرسة حتى يسود الصمت, فهو رمز للهيبة والإجلال بل وللتمجيد وكانت علاقته بتلاميذه قائمة على الاحترام والتقدير. وعلى الرغم من أن معلمي الأجيال السابقة عادة ما كان يتم وصفهم بالصرامة و الصلابة وبعض من الجبروت إلا أن ذلك لم يعرقل الأهداف التعليمية والتربوية التي كانوا يريدون زرعها في تلامذتهم , على عكس ما يحدث بالحاضر.
بالمقابل كان الجيل القديم جيلا مهذبا و واعيا ومدركا لقيمة رب قسمه إذ كان يكن له كل الاحترام والتعظيم. الجيل القديم على قول أبي كان جيلا يذهب للمدرسة محملا نوعا ما ببعض الأخلاق وبكثير من الخوف والرهبة من معلمه. وأذكر جيدا ما ردده والدي(الذي ينتمي لجيل الخمسينات) على مسامعي ذات يوم حين جمعنا الحديث عن التعليم بين الأمس واليوم إذ قال لي " لقد كنا جيلا يعيش بالعقاب داخل المنزل وداخل المدرسة , من معلم اللغة العربية واللغة الفرنسية ومن الأب, وعلى الرغم من ذلك إلا أننا كنا أكثر تقديرا لمن ساهموا في تربيتنا وتعليمنا على حد سواء ربما لأن جو الرعب والخوف الذي كان يطغى حينها على حياتنا الأسرية و المدرسية كأطفال هو ما جعلنا نقدر قيمة من يكبروننا سنا وعلما.
يتضح مما سبق كيف أن الجيل القديم الذي عاش وسط جو قد يعتبر غير ملائم اليوم في نظر الكثيرين للطفل والتلميذ معا إلا أنه استطاع أن يؤتي أكله ونجحت التجربة وإن اقتصر نجاحها في بعض الأحيان في اكتسابهم للتقدير لمدرسيهم .
أما اليوم وعلى نحو مثير للدهشة انقلبت الأدوار حيث بات المعلم تلميذا والتلميذ معلما, والخوف كل الخوف مما يحدث بهذا العصر. لقد صدق الإعلامي والكاتب المصري يسري فودة حين قال: " يا ويل أمة صغيرها كبير وكبيرها صغير ". وهذا تماما هو حال المعلم اليوم.
لقد أصبح المعلم اليوم مسكينا ومغلوبا عن أمره وصار همه الشاغل ليس إثراء فكر وعقل تلامذته بل "بأن يفك ربي جرتو على خير" هذا المثل المغربي الذي مفاده أن تنتهي مدة عمله على خير وسلام.
لقد فقد المعلم في عهدنا الحالي مكانته وحجمه وذلك لعدة أسباب نذكر منها الوضعية المتردية التي ال إليها قطاع التعليم والتي أترث بشكل سلبي على صورة المدرس, أضف إلى ذلك غياب القدوة داخل البيوت والأوساط الأسرية الشيء الذي جعل التلميذ يطغى ويصبح فرعون زمانه. وإن أردنا أن نصف في بضع كلمات طبيعة العلاقة التي تجمع بين كل من المعلم وتلامذته اليوم لاحتجنا ربما لمعجم جديد بمفردات جديدة لم ترد على البال ولا على الخاطر.
لقد اضطربت علاقة المعلم بتلميذه حيث أصبحت علاقة متوترة و سلبية قائمة على نوع من القتال والتحدي والعنترة , ففي حين يحاول المدرس التحكم بزمام الأمور(وهذا حقه الطبيعي بما أنه رب القسم والمسؤول عنه) يحاول من ناحية أخرى التلميذ أن يثبت شخصيته من خلال الخضوع لسلوكيات مرفوضة داخل حرمة القسم -الذي لم يعد أحد يحترمه – من محاولات للتشويش على انتباه التلاميذ للدرس وإزعاج المدرس ومضايقته سواء بالقول أو بالفعل كالضرب مثلا! وماذا نأمل من جيل يرفع صوته ويده بكل وقاحة على من يعلمه وينور عقله ؟!
والسؤال المهم هنا هو ما النتيجة و ما العمل حين يتحول القسم إلى حلبة للصراع بين المتعلم ومعلمه؟
ومن الظالم ومن المظلوم؟ من الضحية ومن الجلاد؟ هل نعاقب المعلم الذي قد يجن جنونه فيشن جام غضبه على أحد تلامذته؟ أم نعاقب ونلوم المتعلم الذي افتقد لكل أدبيات الحياة ؟ وكيف نحل المعادلة حين يتعامل أستاذ بطريقة متفتحة مع تلاميذ مازالوا بحاجة للتربية والتوجيه من الأهل والمدرسة؟ وكيف ننقذ مستقبل التعليم ببلدنا من الفشل (علما بأنه فشل مسبقا) ؟ ما العمل حين يسود العنف كل جوانب المجتمع وينخر في أعمدته؟ وما الذي جنيناه من كم الأساتذة المتعاقدين الذين تم حرمانهم حتى من الاستمتاع بلقب مهدد بورقة تعاقد؟
التربية قبل التعليم و الاحترام قبل كل شيء لأن غياب التربية والاحترام هو ما جعلنا نرثي حال هذا القطاع الذي أصابته لعنة الانحطاط.
ملاحظة أخيرة:
قبل أن نلوم المعلم على تصرفاته يجب علينا أن نربي أبناءنا ونعلمهم قيمة المعلم قبل إرسالهم للمدارس فحينها فقط إن أخطأ المربي لم يجد على أولادنا حجة ورحم الله لسان الأديب والشاعر الليبي أحمد رفيق المهدوي حين قال : " فما قدروا حق المعلم قدره ومن حقه كالوالدين أن يعظم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.