يتميز شهر رمضان في المغرب بأجواء خاصة يمكن للمرء ملاحظة مظاهرها على وجوه الناس وفي الشوارع وكل مكان. وبالرغم من افتقاد المغاربة المقيمين في فنلندا لتلك الأجواء الاحتفالية، فإنهم يحاولون تعويضها؛ ولكن بطريقتهم الخاصة. ويُعتبر الإسلام في فنلندا الدّين الثاني بعد المسيحية، ويقرّ الدستور الفنلندي بأحقيّة المسلمين في أداء كل مناسكهم وشعائرهم بكل حرية دون قيْد؛ فضْلا عنْ ذلك، تُخصص الحكومة الفنلندية دعما ماليا سنويا للمجلس الإسلامي الفنلندي، الذي هو هيئة إسلامية تضم عدة جمعيات إسلامية. زيادة على ذلك، للمسلمين في فنلندا عدة مساجد، بدْءا من العاصمة الفنلندية هلسنكي، مرورا بتوركوا في الغرب وكوبيوا واولو في الشمال، وهي من المدن التي يقطن فيها عدد لا بأس به من المسلمين، ولا أحد في فنلندا يؤذي المسلمين في شهر رمضان؛ فالصيام يُعد حريةً شخصية، والمسلمون مسموحٌ لهم بأداء كل شعائرهم. الطقوس الرمضانية تحاول العائلات المغربية في فنلندا أن تحيي رمضان وفق الطقوس المتعارف عليها في المغرب، حيث نجد على موائد الإفطار أنواعا مختلفة من المأكولات، ولا توجد لدى العائلات عموما مشكلة عبء مصاريف رمضان بالشكل الذي يطرح به في بلدانها الأصلية؛ لكنها تقر بأنها تفتقد تلك الأجواء الرمضانية السائدة هنالك. الأجواء الرمضانية وتقول أمينة، وهي مغتربة مغربية في مدينة لابووا شمال غرب فنلندا: "إنني أفضل الأجواء الرمضانية في المغرب"، مضيفة أن "الجالية المسلمة تفتقد لسماع صوت الأذان في فنلندا"؛ إلا أن هذا لا يمنعها من خلق أجواء رمضانية في البيت وأن تزين مائدة الإفطار بعدد من "الشهيوات"، وتقصد بها المأكولات التي تعدها الأسر في المناسبات ويتطلب تحضيرها مهارات خاصة. وبالنسبة إلى نبيلة، الطالبة الجامعية، فهي تعتبر أن "الأيام الأولى من رمضان معقدة جدا ما دام يجب إيجاد الإيقاع اليومي لحياتنا خلال هذا الشهر"، وترى أن فترة الصيام خلال اليوم "تبقى طويلة بالإضافة إلى التعب الناتج عن نقص النوم"، وتستدرك في السياق ذاته قائلة: "لكن حتى الآن لا أشعر بالجوع أثناء الصيام". وقالت نبيلة: "أنا محظوظة لأني أتناول وجبة الإفطار مع الأسرة، وأستغل هذا الشهر لإعادة تغذية الروح". وتخلص إلى القول "إن هذا الشهر يحمل لنا أشياء كثيرة أكثر مما يأخذه منا". وللتخفيف من الشعور بالغربة والبُعد عن البلدان الأصلية، يُقيم المسلمون موائد إفطار جماعي في بعض المساجد، بالرغم من طول يوم الصيام، ليعيشوا الأجواء الروحانية لهذا الشهر الكريم. وتشهد العديد من المساجد بفنلندا نشاطا تدريسيا في النهار، من قبيل تعليم القرآن الكريم لمن لا يعرفه وشرح مبادئ الفقه وإقامة صلاة التراويح؛ إلا أن هذه الأخيرة (التراويح) لا تشهد إقبالا كبيرا بسبب المشقة في أدائها، خصوصا أنها تقام في وقت متأخّر بعد منتصف الليل.