بالإضافة إلى احتضانها أكبر محطة للطاقة الشمسية بالقارة الإفريقية، وأكبر استوديوهات السينما، تسعى مدينة ورزازات من خلال مشروع الحزام الأخضر، الذي قدمه المسؤولون أمام الملك محمد السادس في زيارته إلى المدينة سنة 2007، إلى أن تكون مدينة صديقة للبيئة، نظرا إلى كون المشروع تم تصميمه لحماية التنوع البيولوجي والبيئة. ويروم هذا المشروع خلق متنفس للساكنة المحلية، ومحاربة الرياح المحملة بالغبار والأتربة التي تعرفها المنطقة، والرفع من معدل المناطق الخضراء لكل فرد من ساكنة المدينة، فضلا عن استعمال المياه العادمة بعد تصفيتها في سقي الأشجار، لمنعها من التسرب نحو سد المنصور الذهبي وتلويث المياه والبيئة، وفق إفادة مبارك اوحلوش، مكلف بتتبع المشروع بالمجلس الإقليميلورزازات. حماية البيئة يستنشق زوار مدينة ورزازات روائح كريهة، خصوصا أثناء مرورهم بالقرب من محطة التصفية الواقعة بمنطقة اناتيم في اتجاه قلعة مكونة، لكن "مشروع الحزام الأخضر تم تصميمه خصيصا من أجل محاربة هذه الروائح وخلق جو ملائم للزوار"، يقول مبارك اوحلوش، موضحا أن "المياه العادمة الحالية تتم تصفيتها من أجل استغلالها في سقي الأشجار المغروسة لحماية البيئة ومحاربة الغبار". وذكر المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن "الحزام الأخضر لمدينة ورزازات مشروع ذو قيمة بيئية عالية"، مشيرا إلى أن "مياه الصرف الصحي تتم إعادة تدويرها وإعادة استخدامها في الرقي بالمناطق الخضراء"، موضحا أن المدينة "تتميز بوفرة سعتها الشمسية، مما حث جميع المتدخلين في المشروع على استعمال الطاقة الشمسية في ضخ المياه باعتبارها عنصرا أساسيا لكفاءة الطاقة". من جهته، قال حميد عماري، فاعل جمعوي ومهتم بالمجال البيئي بمدينة ورزازات: "على الدولة أن تبحث عن حلول جذرية لمشكل المياه العادمة وعن كيفية استغلالها في ري المناطق الخضراء دون أن تصل إلى محيط سد المنصور الذهبي"، مضيفا أن "المياه العادمة يمكن أن تسبب كارثة بيئية، خصوصا لو تم صبها في السد". واعتبر الجمعوي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الحزام الأخضر، الذي انطلق منذ سنوات، "فكرة جيدة، يمكن من التقليص من نسبة تلوث البيئة وأيضا محاربة الرياح والغبار"، داعيا إلى "تعميم فكرة إنشاء الحزام الأخضر بكل محيط مدينة ورزازات للقضاء على جميع مسببات التلوث وجعل المدينة صديقة للبيئية بامتياز"، بتعبيره. مساحة خضراء واقتصاد في الماء لا يختلف اثنان على كون مدينة ورزازات تفتقر في الوقت الراهن إلى الماء الصالح للشرب، وأن المياه الحالية المستعملة تفتقر بدورها إلى الجودة نظرا إلى ملوحتها والروائح الكريهة التي تنبعث منها، مما دفع الجهات المختصة إلى إطلاق أشغال إنجاز مشروع لجلب المياه الصالحة للشرب من سد "تيويين" نحو مدينة ورزازات. "جلب المياه الصالحة للشرب من سد تيويين سيمكن الجهات المختصة من استغلال المياه الحالية غير الصالحة للشرب في ري المناطق الخضراء"، يقول ابراهيم ايت الصالحي، من الساكنة القريبة من سد المنصور الذهبي، داعيا "جميع المتدخلين في المجال البيئي والتنموي بمدينة ورزازات أن يكثفوا الجهود لإخراج المدنية من المشاكل الحالية التي تعيشها، خصوصا على المستوى البيئي". وعاد مبارك اوحلوش، المسؤول المكلف بتتبع أشغال إنجاز المشروع ذاته داخل إدارة المجلس الإقليميلورزازات، ليبرز أن المساحة المنجز عليها الحزام الأخضر حاليا تقارب 635 هكتارا، بعد تقليصها من حوالي 1200 هكتار، بغلاف مالي بلغ 5 ملايير سنتيم. وأشار المسؤول ذاته إلى أن المساحة المنجزة من مشروع الحزام الأخضر تم غرسها، عبر ثلاثة مراحل، بما يزيد عن 400 ألف شتلة من النوع الذي يتحمل الجفاف والبرودة القاسية، كاشفا أن "المرحلة الأولى تتعلق بنطاق وادي الرباط الذي يقع غرب المدينة، ومحيط ضفاف سد المنصور الذهبي، جنوب شرق ورزازات، ويغطي مساحة إجمالية قدرها 215 هكتار". أما المرحلة الثانية، يضيف المتحدث ذاته، "تهم منطقة اناتيم، في المدخل الشرقي للمدنية على مساحة 187 هكتارا، تتواجد بالقرب من محطة معالجة مياه الرف الصحي التي تستعمل في سقي المغروسات من خلال ضخ يعمل بالطاقة الشمسية"، والمرحلة الثالثة تهم نطاق تاسردا "الموجود بمدخل مدينة ورزازات في اتجاه مراكش"، بالإضافة إلى المساحات الخضراء داخل المدينة، على مساحة قردها 233 هكتارا. وشدد المتحدث على أن إدارة المشروع قامت بإنشاء مجموعة من الأحواض المائية المستغلة في ري المساحات الخضراء، موضحا أن "هذه الأحواض وضعت بداخلها أنواع كثيرة من الأسماك لمحاربة الطحالب، ولتكون بالتالي المياه صالحة للاستغلال الفلاحي والري"، وفق تعبيره. أهداف المشروع البيئي من جهته، قال سعيد افروخ، رئيس المجلس الإقليميلورزازات، إن "الحزام الأخضر بورزازات يهدف بالأساس إلى إعادة تشجير مساحة إجمالية قدرها 635 هكتارا، وهو مشروع تجريبي متكامل على الصعيد الوطني"، مضيفا أن مدينة ورزازت "تتسم بمناخها الجاف وقلة التساقطات المطرية، وقد دفعت ندرة الموارد المائية حاملي المشروع، وعلى رأسهم السلطات الإقليمية، إلى التفكير في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في سقي الحزام الأخضر بتقنية التنقيط". وأبرز المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه "لتحسين إدارة وتوفير المياه، والتحكم في برمجة الري، والتشغيل الآمن للمعدات وخفض تكلفة تشغيل للمشروع، تم إنشاء نظام التحكم عن بعد في معدات السقي"، مشيرا إلى أن المشروع يروم "حماية المدينة ضد ظاهرة التصحر والرياح القوية، وإنشاء الأماكن الترفيهية، وتحسين استخدام المياه لأغراض الري، بالإضافة إلى الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة بغرض السقي". وذكر رئيس المجلس الإقليمي أن المساحة الغابوية المغروسة بالحزام الأخضر تسقى بالمياه العادمة المعالجة، التي تم تجهيزها بنظام للسقي بالتنقيط، بالإضافة إلى ضخ المياه عن طريق الطاقة النظيفة "الطاقة الشمسية"، مشيرا إلى أن هذا المشروع "يعتبر الأول من نوعه على الصعيد الوطني بالنسبة للمساحة المغروسة بالأشجار". واعتبر المتحدث ذاته أن هذا المشروع المقدم أمام الملك محمد السادس سنة 2007، "يعد ثمرة شراكة بين عمالة إقليمورزازات والمجلسين الإقليمي والجماعي لورزازات، ومندوبية المياه والغابات ومحاربة التصحر، والمجلس الجهوي، والإنعاش الوطني، وجمعية تاركة إيد"، موضحا أن عامل إقليمورزازات، عبد الرزاق المنصوري، يولي اهتماما كبيرا لهذا المشروع البيئي الهام من خلال الزيارات التفقدية التي يقوم بها من حين إلى آخر. تعميم التجربة ويرى مبارك اوحلوش أن تجربة الحزام الأخضر الناجحة بمدينة ورزازات يجب تعميمها على باقي مناطق أقاليم جهة درعة تافيلالت، معتبرا أن مثل هذه المشاريع لها أهمية كبرى على المدى القريب والمتوسط والبعيد، وخصوصا على الأجيال الناشئة، ودعا المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية والجامعية إلى العمل على تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على هذه المناطق الخضراء التي تم خلقها، وتثمينها. وأبرز اوحلوش، في ختام تصريحه لهسبريس، أن "هذه المساحات تعتبر مختبرا للبحث العلمي تمكن من دراسة تعامل الأصناف النباتية مع قساوة الطقس من أجل تعويض الأصناف التي لم تعط نتائج إيجابية بأصناف أخرى"، وفق تعبيره.