المحور الأول: عيون مقدسة توجد في كل بقاع العالم، وفي كل الثقافات والحضارات وعبر مختلف العصور، عيون تعتبر مقدسة؛ ولا تخلو منها معتقدات وثنية (عيون واحة سيوة، قرب معبد آمون)، أو ديانات سماوية (زمزم في الحرم المكي، قرب الكعبة؛ عيون موسى الإثنتا عشرة بصحراء سيناء؛ عيون العذراء مريم في مختلف مناطق العالم المسيحي الكاتوليكي، وخاصة "عين العذراء لورد Lourdes بفرنسا") . عين زمزم عين زمزم أو بئر زمزم أو زمزم توجد في الحرم المكي، قرب الكعبة؛ وقد ارتبط نبعها بقصة النبي إبراهيم مع هاجر وابنهما إسماعيل الرضيع، وذلك بأمر إلهي. ورغم أن كل المصادر التي أوردت "واقعة" حفر عين زمزم أكدت أن سبب تفجير مائها هو أمر إلهي؛ فإن خبرها لم يرد في القرآن. ويعتبر البخاري من الذين أسهبوا في رواية هذه الواقعة وبشكل مطول جدًّا في صحيحه. خلاصة تلك الروايات أن النبي إبراهيم، الذي رافق زوجته هاجر وولدهما إسماعيل الطفل الرضيع إلى وادٍ سحيقٍ في مكة، جاءه الأمر من الله بتركهما هناك، وكان معهما زاد من الماء والتمر. وبعد أن نفذ ذلك الزاد أخذ إسماعيل يصيح من العطش، فأخذت أمه تجري ذهابا وإيابا بين قمتي جبلي الصفا والمروة؛ وفي كل مرة تعود لتطمئن عليه، وحين عادت إلى ولدها بعد سبع مرات وجدت الماء يتدفّق من تحته، فخافت من أنْ يغرق المكان فأخذت تردّد: "زمي ! زمي !" أي اجمعي ماءك. إلا أن روايات أخرى تخبرنا أن جبريل، بأمر من الله، هو الذي فجر العين بجناحه أو بعقبه، حسب الروايات، عند ما عطش إسماعيل؛ وبعضها الآخر يذهب إلى أن إسماعيل هو الذي فجرها حين كان يحفر برجله من جراء العطش الشديد؛ في حين تضيف روايات أخرى أن عبد المطلب، جد النبي، هو من قام بإعادة حفر بئر زمزم بعد أن جاءه أمر متكرر من مناد، وهو نائم، بحفر زمزم؛ فنفّد هو وابنه الحارث الأمر بإعادة حفر البئر لتدبير أمور سقاية الحجاج؛ علما أن أمور السقاية كانت قريش هي التي تتولاها أثناء الحج، فتسلمها جد النبي عبد المطلب، وبعده انتقلت، عبر العصور، إلى أسر أخرى. *باحث في الأنتروبولوجيا