خيم النقاش داخل قاعة الندوات بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بعين الشق بالدار البيضاء حول قضية أخلاقيات مهنة الصحافة، خاصة في ظل التطور التكنولوجي وما رافقه من بروز الصحافة الإلكترونية. عبد الكبير طبيح، عضو هيئة المحامين بالدار البيضاء، أكد خلال ندوة مساء أمس الاثنين أن التطور الذي يشهده الإعلام الإلكتروني جعل منه "إعلاما خارج الضوابط؛ فلا يملك أحد أن يحاسب آخر على رأي"، مضيفا أنه بات يوجد اليوم ما يعرف ب"إعلام المواطن، الذي يمكن للشخص أن يفرض رأيا عاما وموقفا عاما بواسطة هاتفه". وشدد المحامي طبيح على أن هذا "مكّن المواطن من استرجاع سلطة كان محروما منها، وهي حقه في التعبير عبر تملكه للهاتف الذي أصبح سلطة"، متابعا بأن "هذه السلطة لا أحد يستطيع التحكم فيها ولو كانت خاطئة". من جهته أكد محمد كلاوي، الأستاذ الجامعي وعضو مجلس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أن الصحافة الإلكترونية لا تخضع للرقابة من طرف الهيئة، مشددا على أن "الهاكا تتجنب مجال الإنترنت لأنه صعب الضبط، خاصة في ظل الفوضى وغياب وسائل المراقبة". ولفت المتحدث نفسه إلى أن الفيديوهات التي تبث عبر الإنترنت "أكثرها لا يتوفر على شرط الويب، وعلى رأسه الاستمرارية"، موردا أن "الهاكا" تشتغل وفق لجان من أجل ضبط هذا المجال وتقنينه. أما عبد الكبير أخشيشن، عضو النقابة الوطنية للصحافة المغربية، فأكد أنه "مع بروز وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "فيسبوك"، لم يعد نقل الخبر يتم وفق الشروط المطلوبة"، إلا أنه أشار إلى أن "المواطن بات مع مرور الوقت يتدرج في الوصول إلى مصداقية الأخبار التي تبث". ودعا إلى أخشيشن إلى التمييز بين "الإعلام واللعب الإعلامية"، موضحا أن "ما يجري في بلدان العربية يجب أن يستوعبه المواطن، وصناعة الحملات جزء من المشروع السياسي، لكن لا يجب ربطها بالإعلام، وإنما يجب أن يكون الوضوح سيد الموقف، وتنفيذ القانون حتى لا يبقى المواطن تائها"، وفق تعبيره. من جهته تحدث محمد ريحان، المدير الجهوي لقطاع الاتصال بجهة الدارالبيضاءسطات، والذي قدم كلمة باسم الوزير الأعرج، عن مدونة الصحافة والنشر "التي لم يَغفل فيها المشرع أهمية إحداث آلية لتنظيم المهنة واحترام أخلاقياتها، والتي تجسدت من خلال التنصيص على إحداث المجلس الوطني للصحافة بموجب القانون رقم 90.13 كآلية مُعوّلٌ عليها لتعزيز ممارسة مهنة الصحافة، ممارسةً حرة ومسؤولة، تحفظ من جهة شرف المهنة ومن جهة ثانية حُرمة المؤسسات وشرف الأفراد". وأشار المتحدث نفسه إلى أن المجلس "سيتولى وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة والعمل على نشره بالجريدة الرسمية داخل أجل أقصاه ستة أشهر من تنصيبه، والسهر على تنفيذه فور نشره، ووضع الأنظمة الضرورية التي تضمن ممارسة مهنة الصحافة في احترام لقواعدها وأخلاقياتها والسهر على ضمان احترام المهنيين لها". وشدد ريحان على أن المشهد الإعلامي بدعاماته المختلفة، السمعية والبصرية والإلكترونية الجديدة، أدى إلى "نشوء وعي مطرد بأهمية قضايا أخلاقيات المهنة، وهذا الوعي يرتبط بتطور العمل الصحافي ووفرة المعلومات التي تتيحها التكنولوجيا وتناسُل المضامين الإعلامية من خلال أشكال تعبيرية متنوعة وبتقنية متسارعة تمس أحيانا كثيرة الصحافة والإعلام، وتَنحُوا بها جانبا وبعيدا عن جادة الصواب، وتفرض بالتالي علينا جميعا خلق سبل التعاون مع الجسم الصحافي وكل الفاعلين في القطاع لكسب رهانات المرحلة"، على حد قوله. أما رئيس التنسيقية الوطنية للصحافة والإعلام الرقمي، عبد الوافي الحراق، فتحدث عن المشاكل التي باتت تعترض عددا من الراغبين في ولوج المهنة وتأسيس مقاولات صحافية في ظل القانون الجديد والشروط التي يتطلبها، "الأمر الذي يفسح المجال أمام الفوضى القانونية".