كشفت دراسة حديثة أنجزها المرصد الوطني للتنمية البشرية، وهو مؤسسة رسمية تابعة لرئيس الحكومة، عن أرقام مثيرة حول وضعية أطفال المغرب؛ فقد بيّنت، بالأرقام، أنّ نسبة كبيرة من هذه الشريحة المجتمعية تعاني من الفقر على أكثر من مستوى. نتائج الدراسة، التي أجريت بشراكة مع وزارة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة والتي قُدمت في ورشة وطنية، أمس الاثنين في الرباط، أظهرت أنّ 39.7 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 0 و17 سنة يعانون من الفقر متعدد الأبعاد، على المستوى الوطني. وكشفت دراسة المرصد الوطني للتنمية البشرية أنّ أطفال المغرب يكونون عُرضة للفقر أكثر خلال مرحلتين حسّاستيْن من مرحلة الطفولة، هما مرحلة ما بعد ولادتهم إلى غاية بلوغ أربع سنوات، والمرحلة السابقة لانتقالهم إلى مرحلة الشباب، أي ما بين 15 و17 سنة. ويعاني الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 0 و4 سنوات، بالخصوص، من الحرمان في الرعاية الصحية، إذ تصل نسبة الأطفال الذين يعانون من هذا الحرمان إلى 13,4 في المائة. كما أنّ أمهات طفل واحد من بين أربعة أطفال في العالم القروي لم يستفدْن قطّ من العلاجات الكافية خلال فترة الولادة، بسبب إكراهات تخصّ ولوجهنّ إلى البنيات الصحية الأساسية. وإذا كان المعدل العام للفقر متعدد الأبعاد في صفوف أطفال المغرب هو 39.7 في المئة، فإنّ الدراسة تكشف عن وجه آخر من وجود التفاوتات الهائلة بين أطفال الأرياف وأطفال المدن في المغرب؛ ذلك أنّ نسبة الفقر متعدد الأبعاد في صفوف أطفال المناطق الريفية يصل إلى 68.7 في المائة مقابل 17.1 في المائة في المناطق الحضرية. رقم مثير آخر كشفت عنه الدراسة، ويتعلق بنسبة الأطفال المحرومين من التعليم، ففي الوقت الذي يجري الحديث عن أنّ المغرب حقق خطوات مهمة في ضمان التعليم لأطفال، أوردت الدراسة أنّ 12.9 في المائة من الأطفال المتراوحة أعمارهم ما بين 5 و14 سنة لا يترددون بتاتا على المدرسة. وركزت الدراسة على مجموعة من أبعاد رفاه الطفل، وهي الصحة والتغذية والتعليم والحصول على المياه والمرافق الصحية والسكن اللائق والتأمين الطبي والوصول إلى وسائل الاتصال والمعلومات. ويُصنف الطفل المحروم من بُعديْن أساسيين على الأقل من الرفاهة في خانة الأطفال الذين يعانون من الفقر متعدد الأبعاد. فيما يتعلق ببعد الولوج إلى الماء، والذي يُعدّ من أبرز مؤشرات رفاهة الأطفال، كشفت الدراسة أنّ واحدا من كل أربعة أطفال يعيشون في أسرة تستفيد من مصادر المياه غير المعالجة، كمياه الآبار والأنهار وصهاريج الماء.. وتشير الدراسة إلى أن نصف أطفال العالم القروي محرومون من مصادر المياه المعالَجة، مقابل 3 في المائة في الوسط الحضري. التفاوُت بين أطفال الحواضر وأطفال العالم القروي يتجلى، أيضا، في الولوج إلى المرافق الصحية، حيث إنّ نسبة حرمان الأطفال في الوسط القروي تبلغ حوالي 18 في المائة، مقابل أقلَّ من 1 في المائة بالنسبة إلى أطفال الوسط الحضري، وكذلك الشأن بالنسبة إلى السكن، حيث تبلغ نسبة حرمان الأطفال من هذا البُعد 52.2 في المائة، في الوسط القروي، مقابل 16 في المائة بالنسبة إلى الأطفال المقيمين في المناطق الحضرية. وتشير الدراسة إلى أنّ المغرب أحرز، خلال العقود الثلاثة الماضية، "تقدما كبيرا في مجال حقوق الطفل، ولا سيَما في مجال صحة الأطفال والأمهات والتعليم والتنمية وحماية الطفل"؛ لكنه تؤكّد، في المقابل، أنه "لا تزال هناك تحديات كبيرة يتعين مواجهتها لتأمين ولوج الأطفال إلى حقوقهم وضمان حاضر ومستقبل أفضل لهم".