في خضم الطفرة التي يشهدها المغرب في مجال الأشغال العمومية، أقامت وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، بشراكة مع مؤسسة الأعمال الاجتماعية للأشغال العمومية، في مبادرة هي الأولى من نوعها، الملتقى الوطني الأول حول ذاكرة الأشغال العمومية، تحت شعار "عقود من التشييد والبناء". الملتقى، الذي احتضنه نادي الأشغال العمومية بالعاصمة الرباط، ضمّ عشرات الأطر من قطاع الأشغال العمومية، من مهندسين وتقنيين وغيرهم، سواء من الجيل الذي قاد هذا القطاع خلال العقود السابقة، أو الجيل الحالي؛ بهدف ربط الحاضر بالماضي، للدفع بهذا القطاع إلى الأمام. عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، قال، في كلمة بالمناسبة، إنّ قطاع الأشغال العمومية ليس قطاعا وزاريا فحسب؛ "بل هو مدرسة يحق للمغرب أن يفخر بها، لأنها هي التي حققت ما نراه اليوم من تقدم، وما نراه من بناء وتشييد، سواء على مستوى الطرق أو السدود أو السكك الحديدية وغيرها".. وأبرز اعمارة أن الدافع نحو تنظيم الملتقى الوطني الأول حول ذاكرة الأشغال العمومية هو أنّ هناك من الجيل الحالي من أُطر هذا القطاع من لا يعرف تاريخه العريق، والذي يمتد إلى أكثر من قرن من الزمن، مضيفا "هناك تراث لا مادي يجب أن يكون حاضرا، وأن ينقله السابقون إلى الحاضرين لينقلوه بدورهم إلى اللاحقين". وأشاد الوزير بما تحقق في مجال الأشغال العمومية، قائلا "قد تكون هناك بعض الإشكالات في السياسات العمومية؛ ولكن الذي لا نجادل فيه هو أن المغرب حقق كثيرا من الأمور في هذا المجال، فطول الطرق السيارة والسكك الحديدية ما زال يتمدد، وعدد الموانئ والمطارات يزداد، وكل هذه الأمور تجعلنا نفتخر بهذا القطاع". وشدد اعمارة على ضرورة إقامة جسور بين ماضي وحاضر قطاع الأشغال العمومية، "المجتمع الذي لا يربط حاضره بماضيه يتيه عليه المستقبل"، وأردف موضحا "نحن لسنا بلدا بدون تاريخ. تاريخنا ممتد في الزمان، وما قام به الأسلاف الذين أصروا على أن تكون لبلدنا مطارات وسدود وطرق... يجب أن يكون ملهما للخلف". وحسب المعطيات الرقمية المقدمة خلال الملتقى، فإن طول الشبكة الوطنية للطرق لم يكن يتعدى 10 آلاف كيلومتر في فجر الاستقلال، لينتقل، حاليا، إلى 57 ألف كيلومتر، منها 1800 كيلومتر من الطرق السيارة، فيما انتقل طول شبكة السكك الحديدية من 1780 كيلومترا، إلى 2109 كيلومترات. وحسب المعطيات الرقمية ذاتها، فإن المغرب يتوفر، حاليا، على 39 ميناء، منها 13 ميناء مفتوحا للتجارة الدولية، بينما لم يكن عدد الموانئ في بداية الاستقلال يتعدى 9 موانئ. ويصل عدد السدود التي يتوفر عليها المغرب حاليا إلى 140 سدا كبيرا، و100 سد صغير. وبخصوص البنية التحتية الخاصة بالنقل الجوي، فإن المغرب يتوفر على 18 مطارا دوليا، منها 8 مطارات للنقل الداخلي. وتقدر القيمة المالية الإجمالية التي كلفها هذا الرصيد من البنيات التحتية من طرق وموانئ وسكك حديدية ومطارات، بحوالي 2000 مليار درهم. محمد القباج، وزير التجهيز الأسبق، تحدث، في كلمة ألقاها بالمناسبة، عن الصعوبات الكبيرة التي واجهها هذا القطاع غداة الاستقلال. وفي هذا السياق، أشار وزير التجهيز الأسبق إلى أن عدد المهندسين الذين كانوا يشتغلون في هذا القطاع، سنة 1969، لم يكن يتعدى عشرة مهندسين فقط.