يقدم عبد اللطيف بنجلون نفسه، إضافة إلى كونه مغربيا من مواليد فاس، باعتباره أستاذا في كلية الحقوق بجامعة البحرين، وافدا إلى المنامة بعد تسجيل حاجة هذه المؤسسة إلى أساتذة في القانون العام. ويضيف الأكاديمي عينه: "قبل البحرين؛ خضت تجربة في جامعة إماراتية بناء على إرادة لإنشاء قسم القانون الدولي والعلاقات الدولية، وقد تحققت خلالها الاستفادة المتبادلة في البحث العلمي وتنمية الروابط الإنسانية". تكوين وتوظيف درس عبد اللطيف بنجلون القانون في كلية العلوم القانونية بجامعة محمد الخامس، متحصلا على شهادة الإجازة في الرباط، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا من غرونوبل الفرنسية، وبعدها دكتوراه الدولة من تولوز. بدأ المغربي ذاته العمل التدريسي الجامعي أستاذا مساعدا، بالموازاة مع تحضيره الدكتوراه، ثم ارتقى إلى مرتبة أستاذ محاضر قبل أن يصير أستاذا للتعليم العالي ويتسلق سلم الترقي إلى آخر درجة. عن تلك المرحلة يقول بنجلون: "أنتمى إلى ما يمكنني تسميته بجيل الخير.. ما إن حصلت على الإجازة حتى وجدتني أمام اقتراحات توظيفية وأخرى دراسية، من بينها مواصلة التعليم في فرنسا بمبادرة من الكلية". الترحال الأكاديمي يشدد عبد اللطيف على أن مرحلة ما قبل انتشار الأنترنيت كانت حبلى بمحطات الترحال الأكاديمي، إذ كانت برامج التعاون بين المؤسسات المغربية ونظيراتها الخارجية زاهرة، كما أن التنقل بين طرف وآخر جعل الأساتذة يتبادلون الخبرات في لقاءات مباشرة. "كنا نحاضر في جامعات أخرى ونستقبل أساتذة من مؤسسات أجنبية يفيدون المملكة بتجاربهم.. تلك فترة ذهبية أتمنى أن تعاد، على ضوء تكنولوجيات اليوم، كي تحمل مستقبلا أحسن"، يزيد الدكتور المتخصص في القانون. أما شد رحاله إلى الخليج فإن الأستاذ بنجلون يربطه، من خلال استحضار ما جرى وقتها، بلقاء مع رئيس جامعة إماراتية في ندوة منظمة بالمغرب، انتهى بقبول عرض للمشاركة في إنشاء قسم القانون الدولي. بعيدا عن الوطن يقول "ابن فاس" إن قبول الاستقرار في المنطقة الخليجية، بعد تجربة هجرة دراسية سابقة في أوروبا، جاء بناء على اهتمامه الشخصي بما يحدث في المشرق العربي، زيادة على السياسة المغربية المنفتحة على التعاون مع بلدان الشرق الأوسط. بناء على تجربته الخاصة، يضيف أستاذ القانون في جامعة البحرين أنه وجد استقبالا حارا خلال استهلال مهامه التدريسية في المنامة، والحال كان مماثلا في ما لفّه عند تواجده بالإمارات العربية المتحدة، ما ساعده على الاندماج بلا مشاكل في البيئتين معا. ويعلق بنجلون: "لم أشعر بالغربة في الإمارات مثلما لا أشعر بها حاليا في البحرين، وذلك مرده إلى كوني مغربيا مرحبا بالانفتاح والتعايش مثل كل أبناء وطني، من جهة، وما يتميز به أبناء بلدَي الاستقبال من حسن المعاملة وكرم الضيافة، من جهة مغايرة". في المنامة يشتغل الخبير القانوني المغربي عينه، حاليا، في كلية الحقوق بجامعة البحرين، المؤسسة التي يشدد عبد اللطيف على أنها تلقى عناية خاصة من طرف مسؤولي البلاد، ما انعكس إيجابيا على بنايتها وظروف العمل فيها. ويبرز الدكتور بنجلون فخرا بالانتماء إلى الأكاديمية القانونية البارزة وسط المنامة، وهي التي تتوفر على معدل تأطير عال وفق المعايير الدولية، كما تحفز البحث العلمي وتعرض نتائجه على مجلتها الخاصة بذلك. الإطار المغربي نفسه مكلف بتدريس مواد لطلبة الإجازة، موزعة على القانون والقضاء الدستوريين، كما يقدم محاضرات في سلك "الماستر" حول القانون الدولي، ويشرف على رسالات في المستوى الجامعي ذاته. حق البحث يعتبر المنتمي إلى صف "مغاربة العالم" أن شباب المملكة المتوفر على طموحات له كل الحق في البحث عن آفاق مناسبة بجميع المجالات، ويستدرك: "قبل مغادرة الوطن يجب استنفاد ما يمكن القيام به داخله". الأستاذ الجامعي الذي خبر الهجرة خلال السنوات الماضية يرى أن المغرب يتوفر على إمكانيات مهمة في خدمة المتفوقين، كيفما كانت ميادين تميزهم، ما يستوجب إبراز الكفاءة العالية للاستفادة مما هو متاح بكل إصرار على النجاح. "تواجدت في لجان توظيف بالمغرب، لم تصل إلى ملء كل المناصب المالية بسبب مرشحين لا ترقى مستوياتهم إلى ما هو مطلوب، وهذا يسائل مستوى الخريجين بالمملكة. أما الباحثون عن الهجرة فأنصحهم بطرق الباب الصحيح بعد تهيئة مسبقة لهذه التجربة"، يختم عبد اللطيف بنجلون.