عندما تختلف الآراء في شخص واحد، تضيع الحقيقة؛ جملة تلخص واقع الحال في التعامل مع أطفال التوحد، يجتمع فيها ما هو ديني، عقائدي، موروث ثقافي، عادات وتقاليد، وغيرها من المرجعيات والخلفيات، كل على حسب بيئته وواقعه اليومي. وبناء على ما توافر من المعلومات، أو حسب الإمكانيات المادية والاجتماعية، هي أسباب متعددة، لا داعي لذكرها ولن ندخل في تفاصيلها، قد تكون عقبة وحجر عثرة في التشخيص المبكر وكذا رحلة الإعداد والتأهيل. لهذا قبل الخوض في الحديث عن البرامج الإعدادية والطرق التربوية لطفل التوحد، علينا أن نقتنع ونتفق على أن التوحد هو عبارة عن اضطراب يرافق الشخص طيلة حياته، أسبابه إلى غاية كتابة هاته السطور غامضة، وكل ما جاء به العلم والطب هو فرضيات بناء على أبحاث، نتائجها لم يجزم فيها بعد، ولم تصل إلى درجة الحقيقة المطلقة. لكن ما ثبت وما هو معترف به أن البرامج التأهيلية والإعدادية أظهرت نتائج مبهرة، وتأكدت نجاعتها في إعداد وتوجيه سلوكيات الطفل التوحدي، برامج تكون فيها الأسرة، والأم بالخصوص، حجر الأساس والبيئة الحاضنة للوصول إلى أهداف مسطرة، تساعد الطفل التوحدي على بناء شخصية قادرة على مواجهة الأعباء والضغوطات اليومية. الطفل التوحدي إنسان تحكمه مشاعر الفرح والسعادة، كما تحكمه مشاعر الحزن والضيق، قد يكون في حالة نفسية وجسدية طيبة فيتعاون مع من حوله، وقد يكون في أحيان أخرى في حالة نفسية وجسدية سيئة فيرفض التجاوب، غالبا ما تندلع النوبات العصبية والقلق من عدم القدرة على التواصل الصحيح، هي مشكلة تواجه الشخص العادي، فما بالك بالطفل التوحدي. نظامه الحياتي مبني على الدقة والحساسية المفرطة مع أي تغيير، فأول خطوة هي وضع استراتيجية تواصل مع الطفل، تعتمد على النظام، التكرار والمثيرات البصرية، عناصر قوية تمكننا من التعامل السليم والمرن مع الطفل التوحدي، أساسيات تحد من السلوكيات السلبية والعدوانية قدر الإمكان، وتؤدي إلى تحسين حالته النفسية وشد انتباهه، وبالتالي التعاون مع الآخرين. تعتبر الاستراتيجيات البصرية من أهم الوسائل التي تساعد الطفل على تطوير المهارات التواصلية وتدريبه على مهارات الحياة اليومية، فهي مركز قوة لتقوية نقاط ضعف. ما هي الاستراتيجيات البصرية القاعدة العامة تعتمد على فكرة إحضار اللغة من خلال التمثيل البصري، نظراً لامتلاك طفل التوحد مهارات قوية في المعالجة البصرية، أسلوب تواصل يبدأ من البيت، ويجب أن يكون الأسلوب نفسه في المدرسة أو المركز أو المؤسسة التي يتردد عليها الطفل. هي صور توضيحية مرفقة بكلمات، إشارات، حركات جسدية ذات معنى للطفل، تساعده على فهم التعليمات أو المشورة أو الجدول الزمني أو المعلومات أو العاطفة، أو المكافآت، أو التحذيرات من السلوكيات السلبية، فيكون من المفيد السماح للكبار بالتواصل مع الطفل، ولكن أيضًا تعطي الفرصة للطفل للتواصل مع الكبار، وتشجيعه على وضع مخططه برفقة الكبار. كيف نحضر الجداول أو المثيرات البصرية يتم اختيار سلسلة من الصور مرافقة لكلمات حسب اللغة المفضلة للطفل، يتم تنظيمها حسب الروتين اليومي، وترتيبها حسب أولياته، فكل صورة تعتبر نشاطا والصورة الموالية هي انتقال إلى نشاط آخر. تقوم الأم بشرح كامل وتفصيلي للطفل مع تكرار الكلمات المرفقة وعليها التوضيح قبل القيام بأي عمل أو مهمة، فالطفل التوحدي يعتبر كل ما هو بصري عبارة عن خريطة، يستدل بها عند القيام بأي نشاط. الجداول غالبا ثلاثة أنواع النوع الأول: الجدول الأسبوعي، يجب تحضيره رفقة الطفل كل آخر أسبوع، فهو ثابت وعدم احترامه يسبب قلق ونوبات عصبية، يمكن وضعه على باب الثلاجة للرجوع إليه بسهولة. الصورة أسفله مثال لجدول أسبوعي. النوع الثاني: جدول الروتين اليومي، ويشمل ضروريات الحياة اليومية رفقة ضابط الوقت لاحترام وقت كل نشاط. الصورة أسفله مثال لجدول روتين يومي مع احترام الزمان والمكان. النوع الثالث: جدول تفصيلي للمهارات، شرح دقيق لكل خطوة يحتاجها الطفل لتدريبه على مهارات الحياة اليومية، فمثلا لفرش أسنانه يجب الاحتفاظ بالخطوات داخل الحمام جانب المغسلة، أو عند تدريبه على تغيير ملابسه يجب تعليق الخطوات في مقبض خزانة ملابس الطفل... مع تشجيعه عند نجاح كل خطوة ومكافآته. الصور أسفله مثال لجدول تفصيلي للمهارات يجب أن تبدأ الأم بالتغيرات البسيطة في البداية، ثم بعد ذلك بالتغيرات الكبيرة، حتى لو استغرق التدريب أياما أو شهورا، فالنتيجة ستجعلك فخورة بطفلك برفع تحد كبير. الهدف من المثيرات البصرية: الحد من نسبة السلوكيات العدوانية وتعزيز التعاون مع الآخرين تخزين الصور في ذاكرة الطفل تشعره بالطمأنينة احترام روتين الحياة اليومية: روتين الأكل والشرب، روتين الحمام، روتين اللباس، روتين اللعب، روتين النوم.. الخ يمكن للطفل متابعة تسلسل الأحداث وتحضيره للأحداث المستقبلية "Time Timer" الالتزام بالوقت في التنقل من نشاط إلى آخر، باستعمال ضابط الوقت تدريب الطفل على مهارات العناية الذاتية ابتداء بالتدريب، المساعدة، والمراقبة تشجيعه على مشاركته في العمل وتقديم مكافآت له ملحوظة: ليكون تعاون الطفل فعالا، المرجو أن تكون المثيرات البصرية ملموسة، عبارة عن صور مع كلمات أو بطائق أو صور فوتوغرافية حقيقي، ليست بتطبيقات إلكترونية، لأنها ستشتت انتباه الطفل، وسيكون غرضه اللعب، بدل التركيز على برنامج العمل. الاستراتيجيات البصرية هي كذلك طريقة نستعملها في مجال العلاج الطبيعي للتغلب على مشكلات الإدراك الحسي للطفل التوحدي، كيف؟ هو موضوعنا المقبل، التقنية الكندية. *أخصائية علاج طبيعي-اختصاص توحد-عضو اتحاد المعالجين بكندا أول مغربية وعربية حاصلة على رخصة مزاولة تقنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة Technique MEBP, Montréal Canada