مباشرة بعد إعلان المغرب قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، إثر الدعم الذي يقدمه حزب الله اللبناني الشيعي لجبهة البوليساريو الانفصالية، سارعت دول الخليج تباعاً إلى التعبير عن دعمها المطلق للرباط وإدانة السلوك الإيراني المتدخل في شؤون المغرب الداخلية. تضامن خليجي مغربي المملكة العربية السعودية، التي تجمعها صراعات تاريخية مع إيران وتُطالب بفرض عقوبات دولية عليها، أكدت وقوفها إلى جانب المملكة المغربية الشقيقة في كل ما يهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية. وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في تغريدة على حسابه ب"تويتر"، إن إيران تعمل على "زعزعة أمن الدول العربية والإسلامية من خلال إشعال الفتن الطائفية وتدخلها في شؤونها الداخلية ودعمها للإرهاب"، وأضاف: "ما فعلته إيران في المملكة المغربية الشقيقة عبر أداتها تنظيم حزب الله الإرهابي بتدريب ما تسمى جماعة البوليساريو خير دليل على ذلك". فيما أكدت الإمارات، في بيان رسمي لوزارة خارجيتها اليوم الأربعاء، وقوفها إلى جانب المملكة المغربية في مواجهة كل ما يهدد أمنها واستقرارها ووحدتها الترابية. وذكرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية أن "دولة الإمارات، إذ تدين بشدة تدخلات إيران في شؤون المغرب الداخلية، عبر أداتها ميليشيا حزب الله الإرهابية التي تقوم بتدريب عناصر ما يسمى جماعة البوليساريو، بهدف زعزعة أمن المملكة المغربية الشقيقة، فإنها تؤكد وقوفها إلى جانبها في كل ما يضمن أمنها واستقرارها، بما في ذلك قرارها الحاسم تجاه التدخلات الإيرانية". الموقف نفسه عبر عنه وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، متحدثا عن تأييد بلاده لقرار المغرب قطع علاقاته مع إيران. وقال الوزير البحريني: "نقف مع المغرب في كل موجب كما يقف معنا دائما، ونؤيد بقوة قراره الصائب قطع العلاقات مع إيران، نتيجة دعمها لأعدائه، بالتعاون مع حزب الله الإرهابي". التضامن الخليجي لم يقتصر على الدول التي تجمعها علاقات تاريخية قوية مع المملكة المغربية، بل عبرت أيضا دولة قطر بصيغة محتشمة عن تضامنها مع الرباط، رغم أنها لم تذكر إيران بالاسم في البيان التضامني. وعلق الإعلامي السعودي عبد العزيز الخميس على صيغة البيان قائلاً: "للنفاق…دوحة واحدة..هي عند الحمدين…الله يخلصها من شرورهم وتعود لأهلها…لا ذكر لإيران أبدا في البيان…خواف وجبان ومنافق… المغرب نصت على إيران والحمدين لا يستطيعون التصريح..سلبت عروبتهم تماما". وأعربت قطر التي تتهمها أكثر من دولة بتحويل ملايين الدولارات إلى حزب الله، عن تضامنها مع المملكة المغربية في "المحافظة على سلامة ووحدة أراضيها في وجه أي محاولات تستهدف تقويض هذه الوحدة، أو تستهدف أمنها وسلامة مواطنيها". وشددت وزارة الخارجية القطرية على "أهمية احترام المبادئ التي تحكم العلاقات بين الدول، وفي مقدمتها احترام السيادة"، وكذا "عدم التدخل في شؤونها الداخلية وحل الخلافات بالحوار ومن خلال الوسائل والطرق السلمية المتعارف عليها دوليا". إيران واستهداف المنطقة الخبير في العلاقات الدولية والأستاذ الجامعي في كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش إدريس لكريني اعتبر أن الموقف الخليجي تُجاه المغرب أمر طبيعي بعد مخرجات القمة المغربية الخليجية الأولى التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض سنة 2016، والتي أجمع المشاركون فيها على رفض المؤامرات والسلوكات التي تحاك ضد الرباط. وأوضح الباحث في العلاقات الدولية، في تصريح لهسبريس، أن المغرب، بدوره، عندما قرر سنة 2009 قطع علاقاته مع إيران، كان جزء من ذلك بسبب رفضه التدخل في شؤون دولة عربية شقيقة وهي البحرين. وبعد أن سجل لكريني أن الخطوة المغربية مرتبطة بقرار سيادي، لفت إلى أن "القطيعة الجديدة تأتي في سياق لا يمكن فيه لأي أحد أن يداري ما أصبحت تقوم به إيران كقوة إقليمية في المنطقة، خصوصا مواقفها الملتبسة وتدخلاتها المختلفة في العديد من الأقطار العربية من قبيل لبنان وسوريا والعراق واليمن". وخلص أستاذ العلاقات الدولية والحياة السياسية إلى أن "التدخلات الإيرانية أسهمت في تأزيم الأوضاع الداخلية لهذه الدول العربية، كما ساهمت في إحداث صراعات طائفية وسياسية بصورة غير مسبوقة، ولذلك يأتي الموقف الخليجي ليؤكد على التدخلات المنحرفة التي باتت تسلكها طهران في المنطقة بشكل مباشر يُسيء إلى النظام الإقليمي العربي المأزوم، والذي ساهمت إيران في وصوله إلى هذا الوضع الخطير". يُشار إلى أن دولة الجزائر التي لا تُخفي تدخلها في قضية الصحراء المغربية اختارت الصمت تجاه الأزمة المغربية الإيرانية، إذ لم يصدر عنها أي تصريح يوضح موقفها من مسألة تسليح حزب الله الشيعي لميليشيات البوليساريو.