في الوقت الذي نزلت فيه المصالح الدبلوماسية الروسية في مجلس الأمن بكل ثقلها لتأجيل جلسات التصويت على القرار الأممي حول الصحراء المغربية، أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عيّن فاليريان شوفاييف سفيراً جديداً لدى المغرب، بعدما أنهى السفير السابق انتدابه الديبلوماسي في المملكة. وجاء في المرسوم الصادر عن رئيس الدولة الذي نشر على الموقع الرسمي للمعلومات القانونية، "تعيين شوفاييف فاليريان فلاديميروفيتش سفيراً فوق العادة ومفوضا لروسيا الاتحادية في المملكة المغربية". ويأتي تعيين السفير الروسي الجديد في الوقت الذي كانت فيه وزارة الخارجية الروسية استضافت اجتماعاً هاماً، جمع نائب وزير الخارجية الممثل الرئاسي الخاص للشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، بالوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، الذي حمل رسالة خطية من الملك محمد السادس إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين. وبحسب ما كشف عنه موقع الخارجية الروسية، فإنه "خلال هذه المحادثات التي شارك فيها السفير المغربي بروسيا، عبد القادر لشهب، ناقش الجانبان عددا من القضايا الهامة المتعلقة بتطوير العلاقات الروسية المغربية"، التي وصفتها الخارجية الروسية ب "التقليدية"، بما في ذلك توسيع الحوار السياسي حول التطورات في شمال أفريقيا ومنطقة الصحراء الكبرى. وكان فاليريان شغل في السابق مناصب دبلوماسية عدة، منها سفير روسيا الاتحادية لدى ليبيا في الفترة بين 2004 و2008، ولدى العراق من 2008 إلى 2012. محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، اعتبر أن "هذا التعيين يأتي بعدما أنهى السفير السابق انتدابه بعد أن قضى سنوات من الاعتماد الدبلوماسي في المملكة". وبخصوص دلالات هذا التعيين، قال بنحمو: "المسألة ستكون مرتبطة بطبيعة بروفايل السفير الجديد وتجربته الطويلة في المنطقة العربية، حيث إنه كان سفيرا في لبيبا والعراق، كما أن هذا التعيين يأتي في ظل تطور العلاقات المغربية الروسية خلال السنوات الأخيرة." وتوقف الخبير في العلاقات الدولية عند ظرفية التعيين الجديد الذي أتى قبيل التصويت على قرار مجلس الأمن بخصوص الصحراء، وقال: "هناك مرحلة دقيقة عرفها ملف الصحراء في مجلس الأمن، سعى المغرب من خلالها إلى استغلال نفوذه للتأثير على الموقف الروسي الذي يبدو أنه مساند للأطروحة الجزائرية". وأضاف بنحمو في تصريح لجريدة هسبريس أن "روسيا تحاول اللعب على الحبلين؛ إذ تسعى من جهة إلى إعطاء دينامية جديدة لعلاقاتها مع المغرب، وتحاول من جهة أخرى الحفاظ على علاقاتها المتميزة مع الجزائر التي تظل الحليف الرئيس لها في شمال إفريقيا". وأضاف أن "الرهان الروسي على الجزائر سيظل قائماً في ظل التهديدات الإرهابية التي تعرفها منطقة الساحل، كما سيسعى الروس إلى توسيع شراكاتهم مع المغرب باعتباره منفذا استراتيجياً نحو افريقيا". بدوره، الخبير في الشؤون الافريقية، الموساوي العجلاوي، أكد أن "تعيين السفير الروسي الجديد ممثلا دائما للمصالح الديبلوماسية في المملكة يأتي في مرحلة دقيقة، خاصة في الجانب المتعلق بالصحراء، والتدخل الروسي الذي قضى بتأجيل جلسة التصويت على القرار الأممي بخصوص الصحراء المغربية". وتابع بأن "القضية أكبر من ذلك لأنه يبدو أن روسيا تسعى إلى تفضيل الجناح العسكري داخل الجزائر بعدما طفت مؤخراً صراعات داخل الأجهزة، وبالتالي ستتجه إلى دعم الأطروحة العسكرية الجزائرية في مجلس الأمن". وأورد العجلاوي في تصريح لهسبريس أنه "بغض النظر عن دلالات التعيين، فإن الموقف الروسي مرتبط بتغيرات المنطقة المتوسطية، خاصة في ظل ما تشهده الجارة الجزائر من صراع حول السلطة؛ إذ إن عددا من المواقع الروسية المقربة من الأجهزة تعمل على تمجيد الجيش الجزائري وتحاول تقديمه على أنه أحد أهم مكونات السلطة في البلاد".