يبدو أن وضعية آليات مصفاة سامير بمدينة المحمدية قد تكون سبباً في عدم نجاح تفويتها، لإنقاذ صناعة تكرير البترول بالمغرب والحفاظ على مئات مناصب الشغل التي تحرك "مدينة الزهور" لإعالة آلاف الأسر. ومنذ خضوعها للتصفية القضائية في مارس 2016 بسبب تراكم مديونيتها بشكل كبير، تسعى المحكمة التجارية بالدار البيضاء إلى تفويتها للحيلولة دون ضياع آلياتها المتوقفة عن الاشتغال منذ تلك الفترة، وقد كانت محط اهتمام عراقي وإماراتي في الآونة الأخيرة. وقبل أسابيع، حل وفد من وزارة النفط العراقية بالمغرب لتقييم حالة المصفاة، ودراسة إمكانية استفادة العراق منها سواء بالتشغيل أو بالاستثمار؛ لكن ما نقلته الصحافة العراقية عن مسؤولين في الوزارة يفيد ب"أن الحالة الفنية للمصفاة متهالكة، ولن تحقق فائدة للعراق، ولم يتشجعوا للمضي قدماً لاقتنائها". وضمن شروط اقتناء المصفاة ضرورة ضمان حقوق الدائنين التي تصل إلى حوالي 43 مليار درهم للبنوك والجمارك المغربية، إضافة إلى حقوق العمال الذين يقدرون بحوالي 800 عامل، ناهيك عن إحياء النشاط الصناعي المتوقف. وتحدثت صحف خليجية أيضاً عن سعي مجموعة العتيبة الإماراتية إلى شراء المصفاة، حيث تقدمت بعرض من أجل إعادة تشغيلها، حيث قام ممثلو الشركة بزيارة المصفاة ومنشآتها في مدينة المحمدية؛ لكن لم يتم، إلى حد الساعة، الكشف عما إذا كانت هذه العروض نهائية للشراء. ولا يتعلق الأمر بالعراق والإمارات فقط، بل منذ بدء مسطرة التصفية القضائية، تلقت السلطات المغربية لائحة شركات من دول مختلفة تبدي رغبتها في التنافس على شراء المصفاة، حيث تتكلف المحكمة بدراسة العرض المقدم ومدى استجابته للحد الأدنى المطلوب لأداء الديون المتراكمة وضمان التشغيل. وفي الوقت الذي تمت الإشارة إلى الوضعية المتهالكة للمصفاة والتي تتدهور مع المدة بسبب عدم الاشتغال، يؤكد عُمالها أنها على أحسن بالرغم من ذلك. الحسين اليماني، أحد العمال ومُنسق الجبهة النقابية المحلية في الشركة، قال إن "المصفاة صامدة بآلياتها ورجالها". وأكد اليماني، في تصريح لهسبريس، أن "المصفاة قادرة على مواصلة الإنتاج وبأحسن مما كانت عليه". ويبرز هذا التصريح رغبة العمال في إعادة التشغيل لضمان عدم ضياع حقوقهم وتضرر صناعة تكرير البترول، ومن أجل ذلك يطلبون دائماً تدخل الحكومة المغربية من أجل تسهيل تفويت شركة سامير؛ غير أن الحكومة المغربية لا ترغب في التدخل، فهي تعتبر أن الملف بيد القضاء، ولا يحق لها التدخل، لكن يتم تحميلها المسؤولية فيما آلت إليه سامير، فقد كانت الشركة فيما سبق عمومية، ليتم بيعها للخواص سنة 1997 لرجل الأعمال السعودي حسين العامودي. هذا الأخير لجأ مؤخراً إلى محكمة تسوية نزاعات الاستثمار التابعة للبنك الدولي من أجل طلب التحكيم، بعدما اعتبر أنه تعرض "لمعاملة غير عادلة من طرف الحكومة المغربية عبر الحجز على الحسابات المصرفية والعقارات التابعة لها، فضلاً عن حظر سفن النفط من الرسو في ميناء المحمدية". وتقدم الجبهة النقابية لمصفاة سامير عدداً من المؤشرات لتبين الخسائر المترتبة على توقف الإنتاج؛ من بينها "تراجع في مخزون المواد البترولية مع صعوبة ضمان الجودة وانسيابية التزود وارتفاع أسعار المحروقات بأكثر من درهم للتر الواحد، زيادة على الأرباح المضمونة قبل تحرير السوق". كما تشير نقابة عمال سامير أيضاً إلى تسبب ذلك في تعميق العجز التجاري بفقدان القيمة المضافة لتكرير البترول، وخسارة ما يقارب 20 مليار درهم من المال العام في المديونية المتراكمة على الشركة، ونقص نشاط الميناء النفطي للمحمدية وتأثر الشركات العاملة فيها. ويترتب أيضاً عن توقف الإنتاج، حسب نقابة العمال، فقدان ما يزيد عن 3500 منصب شغل لعمال المناولة واحتمال تسريع ما يقارب من 900 أجير رسمي، وفقدان 20 ألف منصب شغل لدى الشركات المغربية الدائنة، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة منها. وحسب التقديرات نفسها، فإن واحدا من أصل 10 من سكان المحمدية سيفقدون مصدر زرقهم المباشر، إضافة إلى حرمان المدينة من الرواج التجاري والمداخيل الجبائية والدعم الموجه إلى التنمية الرياضية والثقافية العمرانية، وحرمان أزيد من 1200 طالب وطالبة سنوياً من التدريب والتكوين المهني.