كانت تَنزَعِجُ من شُربِه الخمر، لأنه يجعلُهُ هادئا مُستَكينا، لكنه هدوء غريب... حتى تعابيرُ وجهِهِ تبقى جامدة، لا تعبِّرُ عن شيء. فلا هي تعرف حقيقة مشاعره، ولا تستَشِفُّ ما يجول في خاطره، ولا تتوقع رُدود أفعاله. هي تحب أن تراهُ على طبيعته، مُفعَما بالحياة، ينفَعِل، يغضب، يفرح ويضحك... هل لاحظ أنه لم يضحك ولا مرة واحدة خلال لِقاءاتِهِما؟ يبدو وَدودا ومُحِبا. عندما يدخلان مَحَلا لِتناول الطعام، يأتي بعض أصدقائه لإلقاء التحية عليها بِرِقَّة واحترام، بعد أن يوصيهم بالتأدُّبِ في حَضْرَتِها. تذَكَّرت فجأة قصة الدكتور جيكل والسيد هايد، والمَحلول الذي اخترعه الدكتور لِعَزْلِ شخصِيَتَينِ مُتَناقِضَتَينِ بِداخِلِه: الخير والشر. فكان يشرب ذلك المحلول لِينتقِلَ من شخصية الدكتور جيكل النبيل الطيب إلى شخصية السيد هايد القبيح المُجرِم... تساءَلَت مُتَوَجِّسَةً: "هل يُمكِن لهذا الرجل الوسيم الأنيق أن يُخفِيَ شخصيةً أخرى مُغايِرة وغريبةَ الأطوار؟!" *مقطع من رواية "حديقة القلب"