وصف عز الدين خمريش، رئيس مركز الدراسات والأبحاث السياسية والاستراتيجية لشؤون وقضايا الصحراء، المرحلة التي وصلت إليها جبهة البوليساريو، ومعها الجزائر، ب"الموت الإكلينيكي"، مشيرا إلى أن "الحروف الأولى لشهادة وفاة البوليساريو قد كُتبه فعلا، وهو ما يدفع الكيان الانفصالي إلى اعتماد بعض المناورات والاستفزازات، في الآونة الأخيرة، من أجل إثارة انتباه المنتظم الدولي، في ظل الحصار الدبلوماسي الذي فرضه المغرب على خصومه". وأضاف خمريش، خلال تأطيره ندوة بعنوان "حفريات في تاريخ الصراع المغربي الجزائري.. قضية الصحراء في ظل الملكية الثانية"، أن نجاح المغرب في دبلوماسيته الدولية ونجاحه في العودة إلى حضن الاتحاد الإفريقي واختراق معاقل مجموعة من الدول الإفريقية عبر شراكات ومعاملات موفّقة هي عوامل تدفع كيان البوليساريو، بين الفينة والأخرى، إلى لعب أوراق هامشية؛ من بينها ملفات استغلال الثروات من طرف المغرب، وملف حقوق الإنسان، واللجوء إلى الاستفزازات بالمنطقة العازلة". وأوضح المتحدث ذاته، خلال الندوة التي وصفها ب"المقارعة والنزال العلمي حول موضوع حساس" والمنظمة من لدن المركز الاستراتيجي للدراسات والأبحاث التعليمية والتربوية بخريبكة، أن "الدبلوماسية المغربية الناجحة، في ظل الملكية الثانية، أدّت إلى تراجع عدد الدول المساندة للكيان الانفصالي من 192 دولة إلى 27 دولة فقط، عبر إقناع الوحدات السياسية الفاعلة دوليا، وتكذيب المغالطات المروّجة حول ملف الصحراء، فصارت جبهة البوليساريو تعيش عزلة حقيقية". وربط خمريش تقدّم ملف الصحراء بالدور الفعال الذي لعبته الدبلوماسية المغربية في ظل الملكية الثانية، في إشارة منه إلى ما بعد تولّي الملك محمد السادس الحكم؛ وهي التوضيحات التي قدّمها بعد تذكيره بالمجهودات التي بذلها الراحل الحسن الثاني في الملف، انطلاقا من الرأي الاستشاري المقدّم لمحكمة العدل الدولية، وتنظيم المسيرة الخضراء، والاتفاق الثلاثي بمدريد بين المغرب وإسبانيا وموريطانيا"، مؤكّدا أن "عدم إشراك الجزائر في الاتفاق الثلاثي كان سببا قويا في عدائها للمغرب إلى اليوم". وبعد أن نوّه عز الدين خمريش ب"نتائج المفهوم الجديد للسلطة، والاستراتيجية الملكية الجديدة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة"، أكّد الأستاذ الجامعي ذاته أن "المغرب الآن في موقف قوة وانتصار، وفي وضع المدافع عن أراضيه ووحدة ترابه"، منبّها في السياق نفسه إلى أن "قضية الصحراء لا تهمّ الملك وحده، أو الحكومة المغربية فقط، بل هي قضية وطنية من المفروض أن يصير معها كل مواطن محاميا مدافعا عنها كل بحسب استطاعته". يشار إلى أن جمال الدين البوزيدي، عضو بالمركز الاستراتيجي للدراسات والأبحاث التعليمية والتربوية، افتتح الندوة المنظمة بغرفة التجارة والصناعة والخدمات لخريبكة بكلمة أشار من خلالها إلى أن "المنظمين بعثوا دعوات إلى ممثلي السلطات ورؤساء المصالح الخارجية المعنية، إيمانا منهم بقدسية القضية الوطنية وأهميتها؛ غير أن المسؤولين لم يلبوا دعوات الحضور والمشاركة، ما يؤكّد البؤس الثقافي الذي تعيشه المدينة، ويطرح علامات استفهام حول دواعي عدم مشاركتهم"، حسب تعبيره. أما المصطفى شرفي، الكاتب العام للمركز الاستراتيجي ذاته، فقد أكّد أن "الندوة تأتي في سياق التطورات التي عرفها ملف الصحراء، والأحداث التي تلاحقت في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد الدولي أو الوطني أو الإقليمي"، موضّحا أن "اختيار الموضوع له علاقة بأهداف المركز، ومن ضمنها الاهتمام بالقضايا الوطنية وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية"، ومشيرا إلى أن "عنوان الندوة هو نفسه عنوان كتاب أصدره الأستاذ الجامعي عز الدين خمريش، وصار المؤلَّف مرجعا لمن يرغب في معرفة تاريخ وحاضر ملف الصحراء".