في الوقت الذي فضَّلت فيه رئاسة مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأممالمتحدة التزام الصمت بخصوص النقاط التي استأثرت بالنقاش خلال الجلسة الثاني للمجلس، والذي كان محتدمًا بين الدول الداعمة لموقف المغرب والأخرى الداعمة لجبهة "البوليساريو"، يدخل ملف الصحراء مراحله الحاسمة، قبل موعد البت النهائي في مشروع قرار أعلى هيئة تقريرية في المنظمة الأممية، والمقرر في نهاية أبريل الجاري. وخُصِّصَتْ جلسة الثلاثاء الماضي، لتقديم إحاطة رئيس بعثة "المينورسو" عن الوضع والأزمة الأخيرة في المنطقة العازلة، ومما تسرَّبَ أن الاتجاه العام لا يُساير الطرح المغربي في إدانة الخروقات التي اقترفها الانفصاليون، وسعيهم إلى تغيير طبيعة المنطقة المفترض أن تبقى خالية من أي وجود كما كان عليه الأمر عشية توقيع الاتفاق في 6 شتنبر 1991. ونقلت مواقع تابعة للجبهة أن "مشروع القرار الذي تقدمت به الولاياتالمتحدةالأمريكية في مجلس الأمن الدولي بخصوص نزاع الصحراء والذي عمم على أعضاء المجلس ال15، دعا إلى ضرورة انخراط المغرب و"البوليساريو" في المفاوضات باعتبارها الإطار الوحيد للتوصل إلى حل نهائي للقضية الصحراوية". وفي هذا السياق، يقول أحمد نور الدين، الخبير في قضايا الصحراء، إنه "بينما كان يفترض أن تصدر جلسة الثلاثاء توصية تدين خروقات الانفصاليين وتلزمهم بإخلاء المنطقة دون شروط، يظهر أن الولاياتالمتحدة التي تتكفل بكتابة مسودة القرار تسير في اتجاه مطالبة الطرفين بالالتزام بالاتفاق كما فعلت إبّان ازمة الكركرات، وهي بذلك تضع المغرب والجبهة في نفس الكفة". وأورد الباحث في العلاقات الدولية، في تصريح لهسبريس، أن "القرار يكون مستمداً من التقرير، وهذا الأخير فيه إجحاف كبير للمغرب خاصة في الفقرات المتعلقة بوضعية حقوق الإنسان التي كتبت بنفسٍ يميل إلى الطّرح الجزائري الانفصالي بشكل صارخ"، قبل أن يرجع سبب الانحراف في مضمون وقاموس التقارير الأممية إلى جاري فلتمان، مساعد الأمين العام الأممي، وهو دبلوماسي أمريكي أيضا. ويتابع نور الدين: "نحن أمام ازدواجية في الموقف الأمريكي لا يمكن تبريرها إلا بالضغط الذي تمارسه لوبيات شركات النفط الأمريكية التي حازت على نصيبها من الكعكة الجزائرية، فضلا عن وجود قاعدة أمريكية في منطقة تامناراست جنوبالجزائر والتي كانت سرية قبل أن تكشف عنها جريدة "نيويورك تايمز" ونقلتها بعد ذلك قنوات فضائية". وأمام هذه المستجدات، يتوقف الخبير في الشؤون الصحراوية عند "دعم فرنسا الدائم للمصالح المغربية داخل أروقة الأممالمتحدة، والتي يعول عليه المغرب كثيرا خاصة خلال الجلسة المقبلة المقررة في ال25 من أبريل"، قبل أن يستدرك: "لكن لا يمكن لفرنسا أن تحلَّ مَحَلَّ دبلوماسيتنا في تحديد الأهداف التي نريد من أجل حسم الصراع، ولا يمكنها أن تحل محلنا في رسم الخطط لتحقيق الأهداف المرسومة، كما لا يمكنها أن تحل محلَّ الخارجية المغربية في التحركات الدبلوماسية تجاه أعضاء مجلس الأمن الدائمين والمتغيرين"؛ مورداً: "هذه التحركات يجب أن تكون طيلة السنة وليس في أبريل فقط". ويمضي الأستاذ الباحث في الكشف عن "هفوات" الدبلوماسية الرسمية بالتوقف "عند زيارة وزير خارجية الجزائرلموسكو التي عادت بقوة إلى ملف الصحراء، وزار باريس واعترف في تصريحاته بتناول قضية الصحراء، بينما لم نر تحركاً مماثلاً لوزير خارجيتنا إلى موسكو وبكين ولندن، وحتى واشنطن تحرك إليها في الوقت بدل الضائع"، موردا "أكبر دليل على أنها لم تكن مبرمجة هي عدم استقبال كاتب الدولة الأمريكي لبوريطة واكتفى بلقاء مساعده وهي إهانة بروتوكولية". ويختم المتحدث تصريحه بالقول إن "من الأخطاء القاتلة للخارجية المغربية، وباقتراح من المبعوث روس، قبول مناقشة وضعية حقوق الإنسان والثروات؛ لأنها لم تكن ضمن التكليف الأصلي للمبعوثين الأمميين إلى الصحراء، وقد كان فخًّا محكما نصبته الجزائر مع روس للمغرب، وللأسف لم تكن دبلوماسيتنا في مستوى تلك اللحظة".