لم تتوقف مساعي البوليساريو الانفصالية عن إحداث توتر في الحدود الجزائرية المغربية، فرغم مرور شهر أبريل وصدور قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما تزال الجبهة المدعومة من طرف الجزائر تثير الاستفزازات وتحصد الإدانات. وتوجهت الجبهة، التي تتخذ من الجزائر مكاناً لعملياتها، نحو بلدة تيفاريتي، التي توجد شرق المنظومة الدفاعية للصحراء المغربية؛ ما اعتبرته الرباط خرقاً سافراً لوقف إطلاق النار الموقع سنة 1991. ويؤكد المغرب على أن منطقة تيفاريتي، إضافة إلى بير لحلو والمحبس، المتواجدة في الحدود مع الجزائر، كانت تعرف تواجداً مغربياً إلى حدود سنة 1991، قبل أن تقرر المملكة تسليمها للأمم المتحدة بهدف تدبير وقف إطلاق النار. لكن جبهة البوليساريو لجأت أكثر من مرة إلى دخول هذه المناطق في خرق للجهود الأممية؛ الأمر الذي اعتبرته الرباط، في مناسبات سابقة، تحركات خطيرة تهدد الاستقرار الإقليمي ويمكنها أن تدفع المنطقة إلى المجهول. وبعد أن أعلنت الجبهة، المدعومة من قبل الجزائر، عن تحركها نحو تيفاريتي، سارع المغرب إلى مراسلة الأممالمتحدة، ليخرج الأمين العام، أنطونيو غوتيريس، أمس السبت، ويحذر من أي إجراء من شأنه تغيير الوضع الراهن بخصوص قضية الصحراء. وقال غوتيريس، في بيان تلاه الناطق الرسمي باسمه، ستيفان دوجاريك، إنه يتابع عن كثب تطورات الوضع في الصحراء، داعياً في هذا السياق "إلى التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس"، لكن هذا التحذير لا تعيره البوليساريو اهتماماً؛ وذلك جلي من تحركاتها المستمرة نحو المناطق العازلة. وتؤكد الأممالمتحدة على عدم اتخاذ أي إجراء من شأنه تغيير الوضع الراهن، وهو ما لا تلتزم به البوليساريو، بل عمدت منذ سنوات إلى القيام بتحركات خطيرة، خصوصاً في الكركرات جنوب المغرب. ويرى الموساوي العجلاوي، خبير في العلاقات الدولية متخصص في ملف الصحراء، أن هذه التحركات شبيهة بتلك التي تقوم بها الجبهة قبيل شهر أبريل، تاريخ انعقاد مجلس الأمن حول ملف الصحراء. وأوضح العجلاوي، في حديث لهسبريس، أن هذه الاستفزازات "همها الأساسي هو الحضور في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، في حين إن التحركات الجديدة ترتبط بولاية المينورسو التي أصبحت ستة أشهر عوض سنة". وتروم البوليساريو، بحسب الخبير ذاته، الضغط على هورست كوهلر، المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء، الذي يقوم حالياً بتحركات لإيجاد منافذ وحلول، وأكد العجلاوي أن هدف البوليساريو والجزائر "ليس هدفاً عسكرياً بقدر ما هو استراتيجي سياسي مرتبط بفرض الجبهة كطرف قوي في معادلة حل نزاع الصحراء". وتوقع الأستاذ الجامعي استمرار هذه التحركات شرق الجدار إلى غاية 31 أكتوبر المقبل، تاريخ انتهاء ولاية بعثة المينورسو، لكنه أكد أن رسالة المغرب إلى الأممالمتحدة "قوية جداً ومتكاملة وتضع النقط على الحروف بخصوص مسؤوليات الجزائر". وأشار العجلاوي إلى أن النظام الجزائري، الداعم للبوليساريو، يحاول نقل مخيم الداخلة المتواجد في الحدود مع مالي إلى منطقة تيفاريتي؛ الأمر الذي سيخلق مجالاً شبيهاً بما يجري شمال مالي حيث تنشط جماعات إرهابية مسلحة. وكانت البوليساريو قد لجأت خلال السنة الجارية أكثر من مرة إلى الاقتراب من المنظومة الدفاعية للمغرب؛ فقد تحركت عناصرها المسلحة إلى بيرو لحلو والمحبس، في حين هددت المملكة المغربية بالرد على ذلك بخوض عملية عسكرية تنذر بحرب في الصحراء. وتأتي هذه التطورات في ظل كشف المغرب قبل أسابيع عن تورط حزب الله اللبناني الشيعي في تدريب عناصر من البوليساريو على حمل السلاح بمشاركة من سفارة إيران في الجزائر؛ الأمر الذي دفع الرباط إلى طرد السفير الإيراني وقطع العلاقات الدبلوماسية نهائياً مع بلاده.