بعد ثلاثة أشهر من الإعلان عن تأسيسها، عقدت لجنة تقصي الحقائق حول أحداث جرادة أول اجتماع لها بمجلس المستشارين لانتخاب رئيس لها وباقي أعضاء مكتبها؛ وذلك بعد افتتاح الدورة الربيعية مساء أمس الجمعة. وأعلن حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، عن استكمال الفرق والمجموعات البرلمانية انتداب ممثليها في اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول أحداث مدينة جرادة، للبحث في مآل الاتفاقية الاجتماعية الموقعة بتاريخ 17 فبراير 1998 والبرنامج الاقتصادي المصاحب لها. وتعد لجنة تقصي الحقائق هذه ثاني لجنة يشكلها مجلس المستشارين منذ اعتماد دستور 2011، بعد اللجنة الأولى التي همت تقصي الاختلالات التي أوصلت الصندوق المغربي للتقاعد إلى حالة من الإفلاس. وتنص المادة 79 من النظام الداخلي للغرفة الثانية على أن "لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس، وعند الاقتضاء بإحالته على القضاء من قبل رئيس مجلس المستشارين"، مضيفة أنه "لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية، ما دامت الأخيرة جارية؛ على أن تنتهي مهمة كل لجنة لتقصي الحقائق، سبق تكوينها، فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها". وستحاول اللجنة المذكورة تقصي الحقائق في طبيعة الوعود المقدمة لساكنة مدينة جرادة عند إغلاق شركة "مفاحم المغرب" في المدينة منذ عام 1998، وكشف الأسباب الحقيقية التي كانت وراء الإغلاق الذي تسبب في ركود اقتصادي خطير بالمنطقة وسقوط عشرات الضحايا بسبب انتشار آبار الفحم غير القانونية. ويأتي تشكيل اللجنة البرلمانية تزامناً مع أجواء الاحتقان التي تسود المنطقة، بعد توزيع المحكمة الابتدائية بمدينة وجدة أكثر من 3 سنوات حبسا نافذا على أربعة من معتقلي حراك جرادة؛ إذ قضت بحبس أمين مقيلش لسنة ونصف السنة، وعزيز بوتشيش لسنة واحدة، ومصطفى ادعينين لثمانية أشهر، وطارق عمري لستة أشهر. وتُؤكد السلطات أنها استجابت لمختلف المطالب التي رفعها السكان في جرادة منذ اندلاع الاحتجاجات بسبب وفاة عاملين في منجم غير قانوني لاستخراج الفحم؛ من بينها معالجة إشكالية غلاء فواتير الماء والكهرباء عبر اعتماد الفوترة الشهرية من خلال الكشف الشهري للعدادات ومراقبتها من طرف المكتب الوطني للكهرباء. وفي نهاية دجنبر من العام الماضي، أثار مقتل شقيقين داخل منجم مهجور غضب سكان جرادة الذين نظموا تظاهرات حاشدة للمطالبة برفع التهميش، وإيجاد بديل اقتصادي يوفر مناصب شغل للآلاف من شباب المنطقة، العاطلون منهم أو العاملون في "الساندريات" العشوائية.