على واجهة بناية المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، وسط العاصمة الرباط، وبمحاذاة شعارها الأزرق، تظهر مساحات كبيرة من الجدران وقد فقدَتْ صباغتها البيضاء، وحلَّ محلها لون الإسمنت الرمادي. يُعبّر حال واجهة هذا الصرح الثقافي الأكبر من نوعه في المغرب عن التردّي الذي يرزح تحت وطأته، في ظل فراغ إداري، يتمثل في كون منصب مدير المكتبة الوطنية ظلّ شاغرا منذ عاميْن. منذ إحالة مديرها السابق، إدريس خروز، على التقاعد، شهر شتنبر 2016، أصبحت المكتبة الوطنية بدون مدير، إذْ تناوبَ على إدارتها طيلة هذه المدة مدراء بالنيابة، لا تُسعفهم انشغالاتهم الرئيسية على الاهتمام بها على النحو المطلوب. مُستخدمو المكتبة الوطنية ما فتئوا ينبّهون الجهات المعنية، وفي مقدمتها وزارة الثقافة، إلى أنَّ المؤسسة التي يقصدها الطلاب والباحثون من مختلف مناطق المغرب، وتمثل ذاكرة وهويّة المملكة، ترزح تحت وطأة تهميش غير مسبوق، وأنّ أوضاعها متدهورة جدّا. النقابة الوطنية لمستخدَمي المكتبة الوطنية للمملكة المغربية ترى أنَّ التدهور الذي تعيشه هذه المؤسسة راجع إلى مجموعة من الأسباب، في مقدّمتها عدم تعيين مدير رسمي لها، وإسقاطها من قائمة المؤسسات الإستراتيجية، رغم قيمتها العلميّة والثقافية. وفي ظلّ غياب مدير رسمي، يشتغل مُستخدمو المكتبة الوطنية في جوٍّ يشوبه التوتر، خاصة في ظلّ غياب جهة يتحاورون معها، والإصغاء إلى مطالبهم، وتتمثل أساسا في الحصول على نظام أساسي خاص بهم، على غرار باقي المؤسسات. ممثلو النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، التقوا أواخر شهر مارس الماضي مع وزير الثقافة والاتصال، ووعدهم بتحريك ملف النظام الأساسي، ومدّهم بمستجدات هذا الملف وبالإجراءات التي ستتخذها الوزارة. وخلال اللقاء ذاته تعهّد الوزير الوصي على قطاع الثقافة والاتصال بوضع حدّ للفراغ الإداري الذي تعرفه المكتبة الوطنية؛ وذلك بمباشرة تدابيرَ تمهيدا للبت النهائي في ملف تعيين مدير رسمي للمؤسسة، والذي يريد المستخدَمون أن "تتوفر فيه شروط الوطنية والغيرة على الإرث الثقافي للمملكة"، وأن يشتغل "بعيدا عن التجاذبات السياسية والإيديولوجية".