نظمت حركة قادمون وقادرون-مغرب المستقبل، يوم أمس بمدينة كلميم/بويزكارن، ندوة علمية حول موضوع "المقاولات المغربية والجهوية المتقدمة، فرص وإكراهات: الأقاليم الجنوبية نموذجا"، أشار من خلالها مصطفى المريزق، رئيس الحركة، إلى أن اللقاء يُنظم في سياق يشهد توترا في المنطقة العازلة، مثمّنا "الموقف التاريخي للملك محمد السادس ولجميع مؤسسات الدولة، المتمثل في عدم التفريط في أي شبر من تراب الوطن العزيز". وعدا المريزق نخب المركز إلى التواصل المستمر مع مناطق الهامش، خاصة الأقاليم الجنوبية، مذكّرا ب"موقف الحركة الثابت بخصوص ضرورة إعادة توزيع الثروة، وتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، ودعم الرأسمال الوطني، وتحفيز المقاولة المواطنة". ومن جانبه، ركز محمد كريمز، رئيس قسم بالمركز الجهوي للاستثمار، "على الإجراءات المهمة التي قامت بها الدولة خلال العقدين الأخيرين من أجل النهوض بالاستثمار، عبر تبسيط المساطر والإصلاح الضريبي وتحديث الترسانة القانونية، غير أن المقاولة المغربية ظلت تعاني من عدة إكراهات، من أبرزها ضعف الطلب ونسبة التأطير، وهيمنة الطابع العائلي، وندرة التمويل، وغياب التقائية البرامج الحكومية، وتعقيد بنية الوعاء العقاري، وضعف الشفافية في استغلاله". ودعا محمد كريمز المسؤولين، وخصوصا بالجماعات الترابية، إلى "إيجاد الحلول المناسبة لهذه المعضلات، مع ضرورة مراجعة الإطار المنظم للصفقات العمومية، من أجل دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وضمان الشفافية، وكذا تحسين مناخ الاعمال". أما عائشة العلوي، عضو الهيئة التأسيسية للحركة، فقد أكّدت في مداخلتها على "أهمية جبر الضرر الجماعي من خلال التنمية"، كما ذكّرت بالخصائص الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية لجهة كلميم واد النون المتمثلة في ضعف الكثافة السكانية والبنيات التحتية والخدمات الاجتماعية، داعية إلى "دعم المقاولات لتشغيل الشباب، وتحفيز الاستثمار في التعليم، وتشجيع الاقتصاد التضامني". ونبهت العلوي إلى "معاناة الفلاحين والصيادين بالجهة، مما يستدعي ضمان الحماية الاجتماعية لهم، وضمان استفادة الشباب من رخص الصيد البحري"، قبل أن تعرّج على "واقع السياحة بالجهة التي تعاني من عدة إكراهات، رغم المؤهلات العديدة التي تتمتع بها الجهة"، مؤكّدة على ضرورة "خلق آليات جبائية وقانونية لتحفيز الاستثمار في القطاع السياحي، وتأهيل البنيات التحتية"، مؤكدة أن "المقاولات تعد فاعلا وشريكا أساسيا في الإقلاع التنموي، كما أنها تجسد تطلعات الساكنة وأداة لجبر الضرر الجماعي". من جهته، أكّد محمد زهور، بصفته إطارا بالمندوبية الجهوية للفلاحة، على "أهمية التسويق الترابي لجلب الاستثمار، مع ضرورة تنويع النسيج الاقتصادي لبناء اقتصاد قوي"، مذكرا في كلمته بالمناسبة أن "الجهوية المتقدمة تعد خيارا استراتيجيا للدولة، لكن الإقلاع التنموي يظل رهين إصلاح العدالة والنهوض بقطاع التربية والتكوين". وسطّر المشاركون في اللقاء مجموعة من التوصيات، من ضمنها "ضرورة تحقيق مطلب العدالة المجالية"، و"إيلاء أهمية قصوى للاقتصاد التضامني من خلال التثمين والتسويق"، و"إصلاح التعليم والتكوين بهدف ملاءمته مع سوق الشغل في المناطق الجنوبية"، و"إصلاح الأنظمة العقارية لجعلها في خدمة التنمية المحلية والجهوية"، و"دعم قدرات وكفاءات المقاولة الصغيرة والمتوسطة"، و"ضمان عدم تضارب المصالح من خلال الفصل بين الفعل السياسي والفعل الاقتصادي"، و"تفعيل التضامن الحقيقي بين جهات المغرب، من خلال تعزيز الموارد المالية والبشرية للجهات المتضررة والمستبعدة". وجاء ضمن التوصيات كذلك ضرورة "تعزيز دور المجتمع المدني في مراقبة السياسات العمومية، وغرس ثقافة المقاولة واحتضان المقاولين الشباب"، و"تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعميمه على الجميع"، و"تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وجعله في خدمة تحسين أوضاع النساء والشباب الحامل للشهادات وعموم الفئات الهشة"، و"تثمين جودة وتنوع الأوساط الطبيعية والبيئية"، و"حماية وثمين التراث الثقافي المادي وغير المادي"، و"خلق هياكل التكوين الجامعي والمهني"، و"ضمان الحق في البنيات الأساسية كالتعليم، والصحة والشغل والسكن"، و"تعزيز دور جهة كلميم واد نون في المبادلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سواء في المغرب أو على الصعيد الدولي، لتقوية جاذبية الاستثمار والشغل والتكوين من أجل الأمن والرخاء". بالإضافة إلى ذلك، أوصى المشاركون في الندوة بالعمل على "تحويل جهة كلميم واد نون إلى جهة مضيفة وجذابة"، و"توحيد وتحسين قطاع الصناعة التقليدية"، و"تعزيز التجهيزات المهيكلة وتقوية البنيات التحتية لضمان النقل والحركية والخدمات، من أجل تطوير وتعزيز الروابط داخل الجهة ومع الجهات"، و"حماية البيئة وضمان التنمية المستدامة وتطوير السياحة بكل أنواعها وتعزيز قدرتها في خلق القيمة المضافة".