وصل الخلاف بين المندوبية السامية للتخطيط وبين الحكومة أوجَهُ، بسبب أرقام سوق الشغل في المملكة؛ فقد خرج أحمد الحليمي العلمي، المندوب السامي، ليؤكد، في تصريح صحافي خاص وغير مسبوق حول الموضوع، هذه الوضعية. وقال الحليمي العلمي، في تصريح للصحافة اليوم الأربعاء بمقر المندوبية السامية للتخطيط، إنه طلب لقاءً سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، لإطلاعه على "الاختلالات الكامنة" وراء الأرقام التي أعلنتها وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصادي الرقمي مؤخراً. وكان مولاي حفيظ العلمي، وزير التجارة والصناعة، قد قدم عرضاً أمام المجلس الحكومي الأسبوع الماضي، أشار فيه إلى أن قطاع الصناعة خلق 46 ألف منصب شغل صاف في العام الماضي، فيما أرقام المندوبية أشارت في السابق إلى أن الرقم لا يتجاوز 7000 منصب شغل.. المندوب السامي للتخطيط أشار إلى أن "الإحصائيات عملية جادة تتطلب الخبرة والانضباط لمعايير دولية تعرف تطورات مستمرة يجب مواكبتها"، مشدداً على أنه "لا يمكن أن يكون لها مصدر آخر في الوضع الحالي للمقاييس والممارسات الدولية ولمستوى تطور المؤسسات الاجتماعية ذات الصلة ببلادنا، سوى معطيات البحث الوطني حول التشغيل بما تعتمد من مفاهيم وما تقتضيه من مناهج في تجميعها واستغلالها وتحليلها". وأوضح الحليمي العلمي أن المؤسسة، التي يترأسها، تتمتع بتقدير خاص على الصعيدين الوطني والدولي، وتستمد متانتها ومحددات استمراريتها من الحرص باستقلالية تامة على إخضاع جميع أعمالها للمعاير الدولية، سواء التي تقرها اللجنة الإحصائية لهيئة الأممالمتحدة أو تلك التي تؤسس للشراكات المتعددة مع الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي. وأكد المتحدث أن مناهج اشتغال المندوبية فيما يخص البحث الوطني حول سوق الشغل لا تقتصر فقط على هذه المعايير؛ بل تشمل أيضاً ميادين الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية وبصفة خاصة المحاسبة الوطنية باعتبارها تشكل على الصعيد الوطني الصورة التركيبية المرجعية للاقتصاد الوطني من حيث بنية الإنتاج والاستهلاك والمبادلات ومقادير النمو وتوزيع الثروات. وأضاف الحليمي قائلاً: "ليس هناك منهجية أخرى ذات مصداقية لقياس هذه المركبات الاقتصادية سوى المعايير التي يحددها ويُحينها باستمرار نظام المحاسبة الوطنية لهيئة الأممالمتحدة، والذي تتبناه المملكة المغربية، حيث تشكل معايير هذا النظام المرجعية الوحيدة للحكم على مصداقية الحسابات الوطنية". وزاد المندوب السامي للتخطيط أن قياس ما تنتجه القطاعات والفروع الاقتصادية يخضع لقواعد مضبوطة على أساس معايير محددة، ليس هي معايير ما يصدر عن الحسابات المالية للمقاولات ذات الأنشطة المعنية. واعتبر الحليمي أن أي "خبير وطني أو دولي لن يستسيغ أن تحدد كل جهة المقاولات العاملة في أي قطاع من القطاعات حسب رأيها أو حسب توظيف لا يتصل بما ينص عليه الجدول الوطني للأنشطة ولا أن يحدد قيمتها المضافة على أساس قوائم الحسابات المالية للشركات المالكة لهذه المقاولات أو المدبرة لها". وأشار المسؤول إلى أنه "أصبح من غير المستساغ بل من المخاطرة بالمصلحة الوطنية أن تتوقف مصادر معينة عن القيام بالبحوث الضرورية أو عدم إمداد المندوبية السامية للتخطيط بها كلياً أو جزئياً وحسب المعايير المحاسباتية"، دون الإشارة إلى هذه المصادر بصفة مباشرة. ومن المرتقب أن يقدم الحليمي، حسب تصريحه، توضيحات إضافية حول أرقام الحكومة بخصوص سوق الشغل في إطار يوم مفتوح سينظم قريباً، حيث قال إنه "سيتم ذلك بأوسع ما يمكن من شفافية وصراحة وما تتطلبه الوضعية من تصحيحات". وليست المرة الأولى التي تتعارض فيها أرقام الحكومة مع المندوبية السامية للتخطيط، فكثيراً ما كانت نسب النمو المتوقعة موضوع جدل بين الطرفين، وقد كان هذا التضارب منذ الولاية الحكومية السابقة. وكانت وزارة الصناعة والتجارة، الأسبوع الماضي، قد أكدت أن هذه الإحصائيات الخاصة بالتشغيل في القطاع الصناعي، التي قدمها في المجلس الحكومي، استقتها اعتماداً على أرقام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.