كشفت نتائج الانتخابات لتجديد مجالس البلديات في هولندا، والتي جرت يوم الأربعاء الماضي في 353 بلدية، عن تحول واضح في أصوات الجاليات المهاجرة؛ وعلى رأسها الجالية المغربية التي صوتت ضد أحزاب "اليسار" واليمين المتطرف. وخلافاً لما جرت عليه العادة في السنوات الماضية، أظهرت نتائج الانتخابات أن الفائز الأكبر في هذه الاستحقاقات هي الأحزاب المحلية، بحصولها على 2883 منتخباً؛ أي أكثر من مجموع ما حصلت عليه الأحزاب التقليدية الكبرى، حيث حل حزب النداء المسيحي في المرتبة الثانية بحصوله على 1289 مقعداً، بينما احتل حزب اليميني المتطرف "الحرية" الذي يتزعمه العنصري خيريت فيلدرز المرتبة العاشرة ب 76 مقعداً. ووفقاً لاستطلاع أجراه مكتب بلدية أمستردام للإحصائيات والأبحاث يوم الاقتراع مع 2600 ناخباً من أصل أجنبي، فقد صوّت ¾ أتراك في مدينة إمستردام على حركة "دانك" (DENK)، والتي أسسها بعض السياسيين الأجانب الغاضبين من الأحزاب السياسية التقليدية، بينما صوّت الناخبون من أصل مغربي بنسبة 49 في المائة بالمدينة ذاتها، على نفس التنظيم السياسي الذي يتقدم لأول مرة في الانتخابات البلدية الهولندية. وتعكس هذه النتائج تحولاً عميقاً في أصوات الناخبين من أصل أجنبي، فبالإضافة إلى التصويت العقابي ضد اليمين المتطرف، فإن الجاليات صوتت أيضاً ضد الأحزاب اليسارية التي كانت تقبل عليها في السابق، حسب توزيع مكتب الإحصائيات والأبحاث لبلدية أمستردام. فقد بينت النتائج أن المغاربة صوّتوا بنسبة 49 في المائة على حركة "دانك" التي حلت في المرتبة الأولى، وبنسبة 15 في المائة على حزب "اليسار الأخضر" الذي حل في المرتبة الثانية؛ بينما صوتوا في بلديات 2010 بكثافة لصالح حزب "العمل" بنسبة 74 في المائة، وفي 2014 لصالح الحزب نفسه بنسبة 44 في المائة. وبفضل أصوات الناخبين الأجانب، تمكنت حركة "دانك" من حصد مقعد على الأقل في 13 بلدية من ضمن 14 بلدية، حيث حصلت على ثلاثة مقاعد في أمستردام وكذلك بروتردام، بينما كان النصر الأكبر في مدينة شخيدام بحصولها على أكثر من 12 في المائة من مجموع الأصوات، وعلى 4 مقاعد من بين 35 مقعداً تشكل المجلس البلدي. وتوضح نتائج الاستطلاع أن النجاح الذي حققته "دانك" كان من المحتمل أن يكون أكبر من هذا؛ لأن الحركة قدّمت مرشحين في 14 بلدية من مجموع 335 بلدية، بالإضافة إلى أن مشاركة الناخبين من أصل أجنبي ظلت ضعيفة، إذ بلغت في مدينة أمستردام نسبة 47 في المائة عند الجالية التركية، و23 في المائة وسط الجالية المغربية، و25 عند السيرنام والأنتيل. يشار إلى أن أصوات الجالية الهولندية كانت قد ذهبت إلى صالح "حزب العمل" في أول انتخابات هولندية شارك فيها المهاجرون سنة 1986؛ ولكن هذه النسبة لم تتجاوز اليوم 10 في المائة. ويرى مراقبون أنه بعد المقاعد البرلمانية الثلاثة التي حصلت عليها حركة "دانك" في البرلمان الهولندي جاءت الانتخابات البلدية اليوم لتؤكد تجذر هذا النوع من الهيئات السياسية في المشهد الهولندي.