اجتاز مئات الطلبة المغاربة، يوم الخميس الماضي، الاختبارات الشفوية التي تنظمها مؤسسة"Campus France" للحسم في مدى استطاعتهم أن يكملوا مسارهم الدراسي في إحدى المدارس العليا الفرنسية، بعد تمكنهم من تجاوز اختبارات معرفة اللغة الفرنسية المعروفة ب"TCF". الطلبة يُمَنُونَ النفس بالتمكن من تجاوز اختبار تطغى فيه المعطيات الثقافية ويَمتَحِنُ قدرة الطالب المغربي على الاندماج داخل منظومة القيم الفرنسية، إضافة إلى جس نبضه في ما يتعلق بعزمه البقاء في فرنسا بعد انهاء مشواره الدراسي. أراء الطلبة محمد كومية، طالب بكلية العلوم بالرباط، أورد في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الحلم الذي راوده منذ ولوج الجامعة هو أن يدرس في مكان يتيح للإنسان فضاء أرحب، ويوفر تكوينا عالي المستوى في مختلف التخصصات ذات الصبغة العلمية. وأضاف أن الطلبة ذوي التوجه العلمي في المغرب يواجهون مشاكل كبيرة؛ "فالراغبون في مواصلة مسارهم البحثي يكون مصيرهم البطالة بعد سلك الدكتوراه، كما يصعب عليهم الاندماج في وسط مليء بالخرافات والأساطير التي تجعل دكتورا في الفيزياء يبدو مثل الغريب والمجنون". وعن سبب اختياره فرنسا عوض العديد من البلدان، قال محمد إن "فرنسا تبقى هي الملاذ الوحيد للطلبة المغاربة بسبب كثرة المتطلبات المادية في بلدان أخرى، ونظرا لتواجد العديد من الأقرباء في مناطق مختلفة من فرنسا يمكنهم احتضانك ومساعدتك في حال تعذر عليك شيء معين". بدورها، أميمة أنجار سجلت في حديثها مع هسبريس أن "المقابلة الشفوية تكون بمثابة جواز السفر نحو الديار الفرنسية، حيث تُقَاسُ فيها قدرتك على مواصلة الدراسة في فرنسا وتُرَاقَبُ أفكارك حول القيم الفرنسية ونوع الإضافة التي ستقدمها للبحث العلمي بفرنسا". وأكدت أميمة أن الدراسة بفرنسا تفتح أبوابا أخرى؛ فهي بمثابة نافذة على أوروبا وكندا والعديد من البلدان التي تحظى فيها الديبلومات الفرنسية بمكانة محترمة تضع صاحبها في وضع تفضيلي مقارنة مع حاصل على دبلوم من جامعة مغربية يبحث عن تتويج مساره الأكاديمي بدكتوراه في إحدى الجامعات العريقة. من جهته، هشام بوعلي أبرز أن "ديبلوما من جامعة فرنسية سيوفر للطالب المغربي مباشرة بعد عودته فرصة جيدة للاشتغال في إحدى المؤسسات الكبرى بالبلاد، التي تمنح خريجي المدارس الفرنسية أجورا عالية وظروفا ممتازة للعمل". وعبّر هشام عن عدم اقتناعه بمستوى التكوين الذي تلقاه في الجامعة المغربية؛ ما يستدعي تدارك الموقف عبر مكونين وأساتذة جامعيين على أعلى مستوى تلقوا تعليمهم لدى أكبر الباحثين والمتخصصين في أدق الشعب. أين يذهب خريجو المدارس الفرنسية؟ كشف تحقيق أجراه منتدى "كاريرز إن موركو"، الذي يعد حلقة وصل بين خريجي المدارس العليا الأجنبية وسوق الشغل، أن المغاربة خريجي المدارس العليا الفرنسية يرغبون في مباشرة مشوارهم المهني بالمجمع الشريف للفوسفاط في الدرجة الأولى، تليه الخطوط الجوية الملكية المغربية، ثم صندوق الإيداع والتدبير، فشركة اتصالات المغرب، فيما حل التجاري وفابنك في الرتبة الخامسة، متبوعا بشركة الاتصالات "أورانج"، بعدها مجموعة "أكوا"، ثم الهولدينغ الملكي. وأبرز التحقيق الذي استجوب 500 طالب وخريج مغربي، بين مارس ويوليوز 2017، أن الطلبة المغاربة يُوَاصِلُونَ دراستهم في 12 مدرسة فرنسية تدرس التجارة والهندسة، وكشف أن 25 في المائة من المستجوبين يتوقعون أن تصل رواتبهم إلى 40 ألف درهم، و41 في المائة يتوقعون أن يفوق راتبهم 30 ألف درهم، فيما أكد 13 في المائة رغبتهم في أجر يفوق 20 ألف درهم، في حين قدّر 9 بالمائة من المستجوبين أن يتراوح راتبهم بين 15 ألف درهم و20 ألف درهم. وسجلت الوثيقة ذاتها أن "52 في المائة من المستجوبين يفضلون الاشتغال بالشركات متعددة الجنسيات، و13 في المائة يحبذون الاشتغال بالشركات الناشئة، فيما يريد 13 في المائة منهم الاشتغال في القطاع العام، و12 بالمائة بالشركات المتوسطة والصغرى، في حين عبّر 6 في المائة عن طموحهم في العمل مع المنظمات غير الحكومية". في السياق ذاته، أورد التحقيق أن "45 في المائة من المستجوبين يحدد أجر العمل اختيارهم للوظيفة أكثر من أي معطى آخر، في حين قال 38 في المائة إن إمكانية التطور في العمل محدد رئيسي في اختيار الوظيفة، وعبّر 45 في المائة من المستجوبين عن كون اهتمامهم بطبيعة العمل هو المحدد". *صحافي متدرب