بعد أقل من ثمانية أشهر على الاكتشافات العلمية الرفيعة بجبل إيغود، الواقع بإقليم اليوسفية، والتي يفوق عمرها عمر أقدم إنسان عاقل (هوموسابيان) تم اكتشافه من قبل بحوالي 100 ألف سنة، أكدت دراسة علمية جديدة أن أقدم جينات للإنسان حصل عليها إلى حد الآن تم العثور عليها بالمغرب، وبالضبط في قرية تافوغالت التي تبعد عن مدينة بركان بحوالي 22 كلم. وحسب معطيات حصلت عليها جريدة هسبريس الإلكترونية فإن "فريقا من علماء الآثار وعلوم الجينات يضم مغاربة وأجانب اكتشف بمغارة الحمام بتافوغالت أقدم آثار لجينات الإنسان العاقل بإفريقيا، بعمر 15 ألف سنة، مشيرة إلى أن نتائج هذه الأبحاث بينت وجود روابط قديمة مع إفريقيا جنوب الصحراء، وخاصة غرب إفريقيا ومع الشرق الأوسط. عبد الجليل بوزوكار، الأستاذ الباحث في المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أكد في تصريح لجريدة هسبريس أن "أفراد الفريق العلمي قاموا بتحليل الجينات المستخرجة من تسعة هياكل بشرية تم العثور عليها بمغارة الحمام بتافوغالت، من خلال عمليات مخبرية متطورة، مع تحليل جينوم سبعة هياكل، والتعرف بشكل دقيق ومفصل على الجينوم الكامل لخمسة هياكل". "حسب نتائج الدراسة فإن هذه الجينات هي الأقدم للإنسان القديم بإفريقيا"، يقول بوزوكار، مضيفا أنه "ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الدور الكبير الذي لعبه أقصى شمال إفريقيا في ظهور الاستقرار البشري". وتابع بوزوكار في تصريحه: "المعروف أن أقدم جينات قبل هذا الاكتشاف كانت محددة في 8000 سنة، وتم العثور عليها بملاوي سنة 2017، ومنذ ذلك التاريخ لم يعثر على جينات"، متوقفا عند "اكتشاف تافوغالت المؤرخ ب 15 ألف سنة، والذي يبقى الأقدم على الإطلاق". "ركزنا في تحليلنا على 5 هياكل، وقمنا بتحليل مليون و200 ألف من الجينات، ومن بعد، ومن أجل تجاوز الشك، حذفنا النصف، واقتصرنا على 600 ألف من الجينات، فحصلنا على تأريخ يصل إلى 15 ألف سنة، إذ إن الحمض النووي المحصل عليه يبقى الأقدم في إفريقيا بالنسبة للإنسان القديم"، يقول بوزوكار. وبخصوص القيمة المضافة لهذا الاكتشاف، قال بوزوكار في تصريح لجريدة هسبريس: "بفضل هذا الاكتشاف تعرفنا ليس فقط على المظهر البشري للإنسان القديم، الذي يختلف حسب موقع تواجده، وإنما على طبيعة الجينات التي لا تتغير. وهذه سابقة أن يتم التعرف على جينات الإنسان القديم". وأورد المتحدث ذاته: "قبل هذا الاكتشاف كان يقال إن الإنسان انطلق من إفريقيا وانتشر في كل بقاع العالم، واتضح اليوم أن العكس هو الذي حصل، فالمجموعة البشرية التي قمنا بتحليلها ظهر أن 35% من جيناتها موجودة الآن في غرب إفريقيا (مالي النيجير)". وأوضح بوزوكار، الذي أشرف على هذه الدراسة العلمية، أن "منطقة شمال إفريقيا تعتبر من خلال موقعها الجغرافي أهم فضاء لدراسة خروج الإنسان العاقل من إفريقيا، على الرغم من أن الصحراء الكبرى قلصت أحيانا التحركات البشرية مع إفريقيا جنوب الصحراء، والأمر نفسه بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط في ما يخص جنوب أوروبا". يذكر أن الفريق المشرف على هذه الدراسة ضم علماء في الآثار وعلوم الجينات، ويرأسه عبد الجليل بوزوكار، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والاتصال، وسعيد أمزازي، أستاذ باحث بجامعة محمد الخامس بالرباط، ويوهانيس كراوز وشونغوان يونغ، باحثان من معهد ماكس بلانك لعلوم تاريخ الإنسان بيينا بألمانيا، بمشاركة باحثين من جامعة محمد الأول بوجدة وجامعة أكسفورد ومتحف التاريخ الطبيعي بلندن، ومعهد ماكس بلانك للاحاثة الإنسانية بلايبزيغ بألمانيا. * صحافي متدرب