مرحبا بك مجددا سيد هارون يحيى.. أثارت آراؤك – الدينية خصوصا – في الجزء الأول من الحوار تفاعلا كبيرا وتعليقات كثيرة..كما تركت لدينا عددا من الأسئلة العالقة التي نريد أن نسمع إجاباتك عنها، وأن يطلع عليها أيضا قارئ جريدة هسبريس الإلكترونية.. ولنواصل طرح الأسئلة بخصوص المواضيع التي تثير حيرة وتساؤلات بخصوص خياراتك وآرائك.. دكتور عدنان، نعلم أنك تحب الذهب وتلبسه أيضا، بينما الإسلام لا يجيز للرجال ارتداء الذهب، ما رأيك؟ الذهب والحرير من نعم الله التي أشاد بها القرآن الكريم، ولا توجد آيات في القرآن الكريم تمنع الرجال من ارتداء هذه النعم، كالمجوهرات والإكسسوارات وما إلى ذلك، ومن ثم فهذا الحظر، تماما مثل آلاف المحظورات الأخرى، لا يفرضه الإسلام، وإنما جاء وفق المفهوم الإسلامي التقليدي المتشدد، البعيد كل البعد عن تعاليم القرآن الكريم. كان النبي صلى الله عليه وسلم هو القائد، أي رئيس الدولة الإسلامية خلال عصره. وبقدر ما يمكننا أن نستخلصه من المعطيات التاريخية، نلاحظ أنه نظرا لما كانت تفرضه أجواء الحروب والصعوبات الاقتصادية في ذلك الوقت، كان الذهب على الأرجح جزءا من الاقتصاد، ولهذا السبب لم يُستخدم للزينة. لكن هذا المنع من ارتداء الذهب لا يشير بأي حال من الأحوال إلى أنه محرم على الرجال، وإلى جانب ذلك لم يكن النبي (عليه الصلاة والسلام) مخولا بتعديل أو إلغاء ما هو مشروع أو غير مشروع من قبل الله في القرآن الكريم. ولذلك كانت مسألة الذهب قرارا مؤقتا اتُخذ كإجراء مالي وفق ما تقتضيه ظروف المرحلة. إن التسوية بين الأوامر والممنوعات الصادرة عن نبينا (عليه الصلاة والسلام) بصفته رئيس الدولة في ذلك الوقت، وبين الأوامر القطعية الواردة في القرآن الكريم، والخلط بينهما، يُعدُ من أكبر الأخطاء التي يقترفها الفهم الديني التقليدي المتشدد. وعلى سبيل المثال نجد في قصة طالوت (عليه السلام) التي يرويها لنا القرآن الكريم، أن طالوت، بصفته قائد المؤمنين آنذاك، حذر أفراد جيشه من الإفراط في شرب الماء من نهر عبروا منه خلال حملة عسكرية، والسماح لهم فقط بالشرب بكميات صغيرة. ومن الواضح تماما أن ذلك المنع كان مجرد حظر مؤقت واحتياط في وقت الحرب، ولا يعني أنه يمنع شرب الماء في جميع الأوقات. ومن هذا المنظور، إذا كان نبينا (عليه الصلاة والسلام) قد منع مؤقتا شرب الماء من مكان ما لغرض مماثل، سيدعي المتشددون وفقا لمنظرهم التقليدي المتعصب أن المياه قد أصبحت محرمة إلى يوم القيامة، ومن الواضح أن هذه العقلية غير منطقية بتاتا. هل مازلت تؤلف الكتب؟ وكم هو عدد الكتب التي ألفتها حتى الآن؟ لازلت أواصل بذل الجهود بلا كلل أو ملل في تأليف الكتب السياسية والعلمية وذات الصلة بالإيمان، ونشر الكتيبات والأفلام الوثائقية. وقد كتبت حتى الآن أكثر من 300 كتاب تمت ترجمتها إلى 73 لغة، وهي متوفرة في المكتبات في أكثر من 100 دولة. وتم بيع 30 مليون نسخة من كتبي على الصعيد العالمي، كما تم توزيع العديد منها مجانا في العديد من البلدان.. وهناك حوالي 1000 موقع على شبكة الإنترنت تستند إلى هذه الكتب وإلى محادثاتي في البرامج التلفزيونية. وتتلقى هذه المواقع 47 مليون زائر شهريا من 167 بلدا، وأكثر من مليون زائر يوميا. ويشاهد هذه الأفلام والأشرطة الوثائقية التي تظهر في هذه المواقع أكثر من 10 ملايين شخص كل شهر. وتُنشر مقالاتي بانتظام في 216 صحيفة أو مجلة، أو موقع على شبكة الإنترنت، في 47 بلدا. ويتابع برامج البث المباشر التي أعِدُها ملايين المشاهدين يوميا باللغة الإنجليزية والعربية والروسية والفرنسية. وبفضل الله ومشيئته تمخضت عن هذا الجهد الكبير نتيجة طيبة، إذ تقلص إلى حد كبير عدد الذين يعتقدون في النظرية الداروينية، بل حتى أكثر المدافعين عن الداروينية شهرة تراجعوا عن مواقفهم، وهذا ما تؤكده بوضوح الدراسات الاستقصائية التي تمت بهذا الخصوص. الحمد لله، لقد ساهمت جهودي وجهود أصدقائي في نشر الإسلام القرآني في العالم. هل تعتقد أن أفكارك مقبولة في المجتمع التركي؟ نعم، في الواقع، تحظى أفكاري بقبول كبير وبشكل متزايد، خاصة في وسط الشباب الذين يبدون اهتماما كبيرا وتقبلا ودعما لما أنشره من أعمال؛ ويتجلى ذلك أيضا في العدد الكبير من المقابلات التي أجريناها في الشوارع وتجاوزت مائة ألف على مدى السنوات القليلة الماضية. ونتلقى أيضا رسائل الدعم والتقدير من جميع فئات الشعب وأطيافه. ومن خلال وجهة نظرنا وأسلوب حياتنا القائم على القرآن، أظهرنا ليس في تركيا فحسب ولكن في العالم كله أن المسلمين يمكنهم عيش حياة جميلة، مفعمة بالحيوية، وذات جودة عالية، تولي الفنون والعلوم أهمية كبيرة. وبفضل الله ومشيئته أصبحنا نقدم الوجه المشرق للمسلمين، بعد أن كان الإسلام يرتبط بأشخاص غير اجتماعيين، مستهترين في نمط عيشهم، منطويين على نفوسهم، يزاولون حياة غير صحية في بيوت الصفيح، لا يقَدرون قيمة الموسيقى، واللوحات الفنية والمنحوتات، ولا يكترثون لحياة السعادة والجمال. لقد أظهرنا أن هذا النمط من العيش لا يمثل الإسلام الحقيقي، وأن الإسلام هو الدين الموصوف في القرآن. إن الإسلام دين راق يجلب الجمال في حياة الناس، وبفضل ما قمنا به قضينا على تأثير نظام الشر الذي ينفر الناس عن الإسلام ويدفع بهم إلى أحضان الإلحاد. وكانت هناك مجموعة كبيرة من الناس الذين ابتعدوا عن الإسلام عن غير قصد، بسبب التحيز ضد الإسلام والنموذج الذي قدمه المفهوم الديني التقليدي المتشدد، وبفضل الله ومشيئته، قمنا بدور مهم في بعث الحياة من جديد في تعاطفهم وحماسهم وشغفهم للإسلام. كيف تعمل مؤسسة هارون يحيى؟ من أين تتلقى التمويل؟ خاصة أن لديك قناة فضائية في تركيا وعشرات الموظفين العاملين في مؤسستك؟ إن قبض المال مقابل نشر تعاليم دين الله ممنوع في القرآن الكريم. في سورة ياسين يقول الله عز وجل: "اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا..." لذلك فلا أصدقائي ولا أنا نطلب من أحد قط المال مقابل نشر الإسلام، ولن نفعل ذلك أبدا، لأن هدفنا الوحيد هو إقامة حكم القيم الأخلاقية الإسلامية، من محبة وسلام وأخوة في جميع أنحاء العالم من خلال توجيهات القرآن. وللإشارة فمعظم أصدقائي هم من التجار ورجال الأعمال الأثرياء المعروفين. وأنا شخصيا لا أطلب أي رسوم أو حقوق الكاتب عن الكتب التي أؤلفها، ما يسمح لدور النشر بتوزيع الملايين من النسخ المجانية في جميع أنحاء العالم. ومثل جميع المؤسسات الأخرى المماثلة في تركيا، فكل من دار النشر وقناة التلفزيون A9 هي مؤسسات رسمية ومسجلة وتخضع لمراجعة دورية من قبل الوكالات الحكومية ذات الصلة. ما هو هدفكم من هذه الأنشطة؟ هدفي هو الحصول على رضا الله وخوض كفاح من خلال العلم والمعرفة والمحبة حتى يتم القضاء على الأذى واجتثاثه من على وجه الأرض، وإقامة حكم على أساس القيم الأخلاقية القرآنية، في العالم أجمع. هل تتابعون الأوضاع السياسية في الدول العربية؟ وكيف تنظرون إلى النزاعات والانقسامات بين المسلمين؟ نعم، أتابع ما يحدث عن كثب، وأقوم أيضا بإطلاع المشاهدين، على قناتنا، على التطورات في العالم الإسلامي، وأعرب من خلال ذلك عن وجهة نظري وآرائي واقتراحاتي في هذا الصدد، وأقدم باستمرار مقترحات بشأن التدابير والأساليب والسياسات التي يمكن تنفيذها، والتي قد تفيد المسلمين وتقيهم من الأذى. تنبع الانشقاقات والنزاعات والصراعات التي تعصف بالعالم الإسلامي من تخلي الأمة الإسلامية عن واجب تشكيل مجتمع واحد موحد، مجتمع متماسك حول مبادئ القرآن. إن إصرار المسلمين على تجاهل مسؤوليتهم إزاء هذا الواجب الديني الأكبر الذي يأمر به الله في كتابه العزيز، القرآن الكريم، هو خطأ يستوجب غضب الله وينزل بالعالم الإسلامي كوارث لا نهاية لها. إن من مكائد الشيطان الكبرى وحيله الماكرة أن بعض المسلمين يولون اهتماما وحرصا شديدين على الأوامر الملفقة التي لا ذكر لها في القرآن، في حين يتصرفون في تجاهل تام وعدم اكتراث بأعظم واجب ديني. يسعى الدجال إلى إبعاد المسلمين عن القرآن ووحدة صفوفهم، بهدف تمزيق المجتمع الإسلامي، عن طريق تفكيك أوصاله وتشتيته إلى عدد لا يحصى من الفصائل والجماعات. ويحاول إبليس تدمير العالم الإسلامي من خلال تأليب الإخوة ضد بعضهم البعض. تستخدم حركة الدجال، أي الدولة البريطانية العميقة بعبارة أخرى، الشيعة البريطانيين والسنة البريطانيين للتحريض على مزيد من الخلاف والشقاق. إن الشيعة البريطانيين يحتقرون السنة، والسنة البريطانيين يحتقرون الشيعة، وكل فئة تعتقد أن من واجبها قتل أعضاء الطائفة الأخرى؛ في حين لا ينبغي للمسلم أبدا قبول مثل هذه العقلية الشريرة.. تجمعنا عقيدة تقوم على رب واحد وقبلة واحدة ونبي واحد. إنه الوقت الذي ينبغي أن يستيقظ فيه المسلمون ويتخلون عن هذه الأفكار الشريرة. لماذا تركز على شيعة بريطانيا في حين أن أهم وأكبر دولة شيعية هي إيران؟ لا أقصد الشيعة الذين يعيشون في بريطانيا، فالشيعة شعبٌ مستنير مثل الضوء الرباني، وهم مخلصون تماما لنبينا (صلى الله عليه وسلم) وأهله. انتقادي موجهٌ لفلسفة معينة، وذهنية تسمى "الشيعة البريطانية"، وهذه الذهنية تشكل مؤامرة خبيثة تخطط لها الدولة العميقة البريطانية، بهدف إذكاء الصراع بين الشيعة والسنة. وفي واقع الأمر تشعر إيران أيضا بالقلق إزاء الشيعة البريطانيين. لقد حذر الإمام خامنئى في الكثير من خطبه الجمهورَ من بعض القنوات التلفزيونية الشيعية وسط لندن، ووصفها بأنها "مجموعة من المرتزقة الذين يؤججون لهيب الصراع السني الشيعي". وتعتبر مفاهيم الشيعة البريطانيين والسنة البريطانيين من الأيديولوجيات التي صاغتها الدولة العميقة البريطانية لتقسيم المسلمين وتشتيت صفوفهم؛ والهدف من ذلك هو إذكاء الخلاف بين المسلمين السنة والمسلمين الشيعة وتمزيق منطقة الشرق الأوسط والتحريض على سفك الدماء هناك من خلال إشعال لهيب الحروب الطائفية. إن هذه الحروب الطائفية التي تقف خلفها الدولة العميقة البريطانية من أخطر المخططات وأكثرها غدرا في تاريخ الأمة الإسلامية، لم يسبق لها مثيل، قصد إحداث انهيار في العالم الإسلامي. ويقع على عاتق المسلمين واجب إحباط هذه الخطة. ولا ينبغي أن نسمح لهذه المخططات العدائية، التي تجري في إطار مفاهيم الشيعة البريطانيين والسنة البريطانيين، لمناكفة الإسلام، أن تحقق هدفها. ويعود لتحالف المسلمين، شيعة وسنة، واجب إجهاض هذه المخططات الماكرة. وفي حالة تضافر جهود إخواننا الشيعة والسنة يمكن للدول الشيعية والسنية أن تشكل تحالفا وتوقع اتفاقيات صداقة جديدة، بما يسمح للمسلمين التعاون في ما بينهم لحل مشاكلهم، ويجهض دسائس الدولة العميقة البريطانية. ومن المهم تعزيز هذه التحالفات، بحيث تكون ذات عمق جماهيري. ولماذا هذا التركيز على بريطانيا، وليس على أمريكا أو أي بلد آخر؟ أولا وقبل كل شيء يجب أن أوضح أن المسألة لا تتعلق ببريطانيا أو بالشعب البريطاني؛ والأمر لا يتعلق بالدولة البريطانية، بل الدولة البريطانية العميقة. إن الدولة البريطانية العميقة ليست هي الدولة البريطانية نفسها، بل هي منظمة سرية تشكلت داخل الدولة البريطانية ومازالت تحافظ على وجودها منذ عدة قرون، مسببة الاضطرابات والحروب والبؤس في العالم. ومن الضروري الإشارة إلى أن الدولة البريطانية والشعب البريطاني هم أيضا ضحايا هذه المنظمة المعتمة، والأمر ينطبق كذلك على أي دولة أخرى قد تشير إليها، بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية. ما كنا لنشهد هذه الفوضى والصراعات والظلم في أي مكان لولا التحريض والضغوط والتلاعب الذي تخطط له الدولة العميقة البريطانية. وعند النظر إلى الأخبار في العالم، ترى بروز اسم بلد ما، لكن عند إمعان النظر والتدقيق في ما يحدث تشاهد آثار وبصمة الدولة العميقة البريطانية واضحة وراء هذه الأحداث. وقد تمكنت الدولة البريطانية العميقة من إخفاء آثارها والتواري عن أنظار الناس حتى الآن، لأنها تحسن في واقع الأمر فن التمويه إلى حد الإتقان، لكن بعدما أوضحنا المعنى الحقيقي وخلفية الأحداث وكشفنا حقيقة هذه المنظمة، من خلال الآلاف من الوثائق الإثباتية، فقد تمخضت عن جهودنا صحوة في العالم بشكل عام. لا بد إذن من كشف خطط هذه المنظمة الخبيثة، التي تحاصر شعب بريطانيا نفسه وشعوب البلدان الأخرى، ولا مناص من عرض دسائسها بشكل مستمر، لأن من شأن هذه الجهود أن تسهل عملية القضاء على تأثير المنظمات التي تتآمر في الظلام، ووضع حد للخلافات بين الدول والشعوب، وبدلا من ذلك تكريس نظام حكم قائم على المحبة والإخاء. هارون يحيى: "البيكيني" حقّ للمرأة المسلمة .. والرقص ليس حراما