تحل الذكرى السابعة للخطاب الملكي يوم 9 مارس 2011، الذي قدم فيه الملك عرضا سياسيا وصفه المتتبعون ب"القوي"، استجابة لحراك "20 فبراير "الذي حمل معه مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية إلى شوارع المملكة. سبع سنوات مرت على الخطاب؛ يرى فيها متتبعون أن المغاربة بحاجة إلى تعاقد جديد، بعد أن انتقد الملك بنفسه النموذج التنموي الذي رسم للبلاد، بلا استثناء لتردي الواقع الحزبي وطبيعة مخرجات الانتخابات التشريعية الأخيرة. المحلل السياسي مصطفى السحيمي قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "خطاب 9 مارس جاء استجابة لمطالب الشارع المنتفض الراغب في إصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية، لكن المشكلة أن المادة الدستورية لم تكن في مستوى قوة الخطاب الذي ألقاه الملك". وأضاف السحيمي أنه "بعد الخطاب أعطيت لنا وثيقة دستورية بصلاحيات أكبر لرئاسة الحكومة والبرلمان، وتمت تزكية تعزيز حقوق الإنسان، لكن عملية التنزيل جد ضعيفة، والدليل على ذلك حجم النقاش المثار الآن حول مجموعة من الأمور التي اعتبرت جوهرية في تحديد مسار الدمقرطة، مثل الجهوية المتقدمة". وأورد أستاذ القانون الدستوري أن حقوق الإنسان تثير العديد من المشاكل بالنسبة للدولة، بسبب تقارير المنظمات الدولية التي تصنف المغرب ضمن الدول الضعيفة في مؤشرات احترام حقوق الإنسان وحرية الصحافة والإعلام، مما "يفرض على الدولة أن تعيد بناء خطاب 9 مارس لأنه شكل دينامية ونظرة استشرافية لمستقبل البلاد"، وفق تعبيره. وسجل السحيمي أنه "على مستوى الانتخابات التي تلت الخطاب ودستور 2011 كانت محطة تشريعية بنوع من النزاهة، وهي التي جاءت بحزب العدالة والتنمية إلى الحكومة، ولولا الخطاب والسياق العام لما كان الأمر كذلك، وهو ما بدا جليا في تشريعيات 2016 التي شهدت دعما كبيرا لحزب الأصالة والمعاصرة من طرف وزارة الداخلية التي نفخت في مقاعده، وبالتالي العودة إلى مرحلة ما قبل الخطاب وما كان يقع في زمن ولى"، على حد قوله. من جهته، يرى عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، أن "خطاب 9 مارس جاء في سياق انطلاقة حركة 20 فبراير، ومحاولة نزع فتيل الأزمة التي امتدت عبر تراب المنطقة كلها". وأضاف العلام، في تصريح لهسبريس، أن الخطاب "لأول مرة جاء في غير مناسبة مرتبطة بعيد ديني أو وطني، وأتى من أجل تقديم عرض سياسي للنقاط التي جاءت في أول بيان لحركة 20 فبراير، والتأسيس لدستور جديد يمتص غضب جزء من الشارع، ويرمي كذلك إلى إضعاف الحراك، وهذا فعلا ما حصل حيث لقي الخطاب تفاعلا جعل العديد من الفاعلين ينسحبون من 20 فبراير". وأكد المتحدث ذاته أنها أول مرة سيتمكن فيها الحزب الفائز في الانتخابات من ترأس الحكومة، إضافة إلى توغل بعض الفاعليين الحزبيين في وزارات السيادة، كالداخلية والخارجية، كما تم اعتماد وثيقة دستورية متقدمة عن سابقتها التي وضعت منذ 1996. وعن الأوضاع الحالية، قال العلام: "كل شيء تبخر تقريبا، حيث تم إفراغ الدستور من مضمونه، وجرى إغراقه بقوانين تنظيمية سارت في منحى مغاير عن التوجه الدستوري، ليصبح ورش كالجهوية صوريا، بتعبير رؤساء الجهات أنفسهم، كما تم تبيين أنه لم تكن هناك رغبة حقيقية في تكريس عرف دستوري يقضي بترأس الحزب الفائز بالانتخابات للحكومة، فرغم تزكيته لسعد الدين العثماني إلا أن البلوكاج المفتعل الذي واجه بنكيران بين عن رغبة وتوجهات الدولة"، وفق تحليل أستاذ العلوم السياسية نفسه. *صحافي متدرب