في ظلّ تنامي مخاطر سقوط الأطفال واليافعين في أتُون التطرف، جرّاء استعمال التنظيمات المتطرفة للتقنية الحديثة من أجل الاستقطاب، وضعت الرابطة المحمدية للعلماء خارطة طريقة لحماية الأطفال واليافعين المغاربة من التطرف، أُعلن عن خطوطها العريضة في لقاء بمقر الرابطة اليوم السبت. خارطة الطريق التي وضعتها الرابطة المحمدية للعلماء، بشراكة مع منظمة اليونسيف، ترتكز على العمل في الجبهة الرقمية، باعتبارها الحَلبة الأكثر دينامية ونبْضا في المجال التواصلي والتعليمي والفكري، في الوقت الراهن، كما أنها أكثر جاذبية للناشئة والشباب، مقارنة مع الوسائط التقليدية. وتحتضن الرابطة المحمدية للعلماء ورشة تكوينية لفائدة مجموعة من الأطفال واليافعين، يؤطرها خبراء في أربعة مجالات هي الخطاب الديني في المصفوفة الرقمية، والفنون في المصفوفة الرقمية، والوسائط الرقمية، والإعلام في المصفوفة الرقمية. أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، قال في كلمة بالمناسبة إنَّ "الشبكة الرقمية أثرت على جُملة من المواقع والمراكز والأدوار، وخاصة دورَ الأستاذ المربّي، الذي لم يعُد المصدر الوحيد لتلقّي المعلومة، بفضل التقنية الحديثة، التي تُتيح الوصول إلى المعلومة عبر كبْسة زرّ واحدة، وبسرعة قياسية". وأردف عبادي أنَّ الوصول إلى المعلومة في الماضي "كان يتطلب قراءة مجلّدات، بينما وفّرت المصفوفة الرقمية الوصول إلى كمٍّ غزير من المعلومات بدون أدنى تعَب، وفي وقْت وجيز، في الوقت الراهن"، حيث يوجد في العالم أزيد أكثر من 27 مليار آلة مرتبطة بشبكة الإنترنت. وفي خضمّ تنامي توسّع الشبكة الرقمية، أضْحى السؤالُ مطروحا حول جدوى الوسائط التقليدية، بلْ إنَّ الحروف التي كانتْ تُستعمل في الماضي لإيصال المعلومة إلى المتلقي أضحت موضع سؤال، بعد ظهور الوسائط الرقمية الحديثة، مثل الكبسولات المعتمدة على الصوت والصورة. وقال عبادي في هذا الإطار إنَّ "الكبسولات الرقمية التي قد تتعدّى مدّتها الزمنية دقيقة واحدة أصبحت أكثر قوّة وتأثيرا في إيصال المعلومة، وهو ما يطرح تحدّيات جديدة أمام مختلف الفاعلين، ينبغي العمل على كسْبها، في ظل إدراك الناشئة أنَّ الوصول إلى المعلومات عبر الوسائط الحديثة أضحى أكثر يُسرا من المصفوفات القديمة، وبشكل غايةٍ في السرعة". عبادي ضربَ مثلا بأغنية Gangnam Style، التي حصدتْ إلى حدّ الآن أزيد من 7.5 ملايير مشاهدة، مشددا على أنَّه أضحى لزاما أن يتأقلم الخطاب التربوي وفعْلُ التأطير وفعلُ التواصل وفعْل الإبداع مع مقتضيات ومُستلزمات المصفوفات الجديدة، من أجل مواكبة العصر ومستجداته. الوصول إلى هذه الغاية، كما يقول عبادي، يتطلب استبانَة معالمِ الإشكال أوّلا، أي معرفة العوائق التي تحول دون الاستفادة الإيجابية من المصفوفات الحديثة، مُبرزا أنَّ العمل ينبغي أن يبدأ بتمليك الناشئة واليافعين مهارات التعامل الإيجابي مع الشبكة الرقمية ليستفيدوا منها من جهة، ومن جهة ثانية ليكونوا مؤثرين إيجابيا على نظرائهم بما يعود بالنفع على مجتمعهم. من جهتها، قالت ممثلة منظمة اليونيسيف في المغرب إنّ "التحوّل الرقمي الذي يشهده العالم ينبغي أن يُؤخذَ بعيْن الاعتبار؛ ذلك أنه تترتّب عنه جُملة من التحديات، على رأسها أنَّ الجيل الحالي أضحتْ تربيته أكثر صعوبة، خاصة وأنَّ ثلث مستعملي الشبكة الرقمية هم من اليافعين والشباب". وأشارت المسؤولة بمنظمة اليونيسيف إلى أن 4 على 10 من الشباب في المغرب يستقون معلوماتهم من الشبكة العنكبوتية، لافتة إلى أنَّ هؤلاء الشباب لم يعودوا مستهلكين فقط، بل فاعلين أيضا، ما يعني أنَّهم أصبحوا مؤثرين. ولفهْم حاجياتهم، تضيف المتحدثة، يجب على الفاعلين التربويين الإلمام بالتقنيات الجديدة. "خارطة الطريق الرقمية" التي وضعتها الرابطة المحمدية للعلماء لا تستهدف فقط الأطفال واليافعين المغاربة، بل ستمتد إلى الصحراء جنوبا، وإلى بلدان الشرق والشمال، بحسب الأمين العام للرابطة، أحمد عبادي، مشيرا إلى أنّ الرابطة ستعمّم هذه التجربة من خلال شراكات مع مؤسسات أخرى، في مقدمتها وزارة التربية الوطنية، "للوصول إلى شعْب اليافعين الذين يصل عددهم في المغرب إلى ثمانية ملايين".