تواجه حكومة سعد الدين العثماني ابتداء من مطلع شهر مارس المقبل موجة من الإضرابات والاحتجاجات الغاضبة من سياستها في التعليم والوظيفة العمومية، في تحرك ينذر بعودة الإضرابات الفئوية التي تشل عددا من المؤسسات العمومية، بدءا من أساتذة التعليم العالي والأساتذة حاملي الشهادات العليا، وصولا إلى دكاترة الوظيفة العمومية. فبعد تنفيذهم مسيرة حاشدة خلال الشهر الجاري، بالعاصمة الرباط، أعلن موظفو وزارة التربية الوطنية حاملو الشهادات الاستمرار في الانتفاض في وجه الوزير الجديد، سعيد أمزازي، عبر برنامج احتجاجي تصعيدي، إذ أعلنوا مقاطعتهم العمل ودخولهم في إضراب وطني يوم الخميس القادم المصادف للفاتح من مارس، على مستوى جميع مؤسسات التعليم من السلك الابتدائي إلى الثانوي. وشددت "التنسيقية الوطنية للأساتذة حاملي الشهادات" الموظفين بوزارة التربية الوطنية، على غضبها من السياسة التعليمية بالمغرب، مطالبة بإدراج الترقية بالشهادات الجامعية ضمن النظام الأساسي لموظفي قطاع التعليم؛ فيما كسب الاحتجاج القادم مساندة ودعم ثلاث نقابات، هي الجامعة الوطنية للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم لكل من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل. ويأتي هذا التصعيد إثر برنامج احتجاجي انطلق بمسيرة وطنية يوم 11 فبراير الجاري، ثم حمل الشارات الحمراء داخل الأقسام، بجميع المؤسسات التعليمية، خلال الأسبوع المنصرم؛ فيما أعلن الأساتذة الغاضبون أن إضراب فاتح مارس سيكون مصحوبا بوقفات احتجاجية جهوية، يليها "أسبوع الغضب" ما بين 19 و24 مارس، في أفق تنظيم إضراب وطني واعتصام إنذاري يومي 2 و3 أبريل القادم. بدورهم، أعلن أطر الوظيفة العمومية من حاملي الدكتوراه تنفيذ إضراب وطني عام لمدة 48 ساعة يومي 7 و8 مارس القادم، بجميع الإدارات العمومية والمؤسسات العامة، "بسبب سوء الأوضاع التي يعيشها الدكاترة الموظفون، وتجاهلها من الحكومة، في وقت بات المغرب يعرف استثناء أمام المنتظم الدولي يضعه أمام المساءلة الدولية". وكشف الاتحاد العام الوطني لدكاترة المغرب أن التصعيد الجديد "يأتي بعد نجاح المسيرات الوطنية التاريخية والاعتصامات الإنذارية في الأيام القليلة الماضية"، وأيضا "في ظل استمرار الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه الفئة داخل المجتمع المغربي، والحيف الكبير الذي يطال أعلى نخبة في المغرب، وتبخيس أعلى شهادة أكاديمية". وانتقد الموظفون الغاضبون "تجاهل الحكومة الحالية لمؤهلاتهم العلمية والمعرفية، وتوالي إصدار قرارات تضرب عمق هذه الشهادة وتفرغها من قيمتها العلمية"، مطالبين إياها "بضرورة الإسراع في طي هذا الملف بشكل عاجل ونهائي، عبر إحداث قوانين ومراسيم تنظيمية عادلة، تسمح باستثمار مؤهلات الدكاترة الموظفين في جميع التخصصات". ونددت النقابة ذاتها، في بلاغ توصلت هسبريس بنسخة منه، بمذكرة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الأخيرة، "في شأن تكليفات داخل مراكز مهن التربية والتكوين، باعتبارها تملصا واضحا من تغيير إطار الدكاترة إلى أستاذ التعليم العالي مساعد"، معتبرة أن الخطوة "تبخيس لشهادة الدكتوراه بوضع معايير مجحفة، كما تعد خرقا لمضامين المرسوم المنظم لهذه المراكز في ما يخص هيئة التدريس". ومن المرتقب أيضا أن يخوض أساتذة التعليم العالي إضرابا منتصف شهر مارس القادم، وفق ما أعلنته النقابة الوطنية للتعليم العالي، التي سبق لها أن نفذت احتجاجا مماثلا يوم 20 فبراير الجاري، وذلك "بعد استنفاد كل السبل والوسائل لحمل الحكومة والوزارة الوصية على الزيادة في أجور السيدات والسادة الأساتذة الباحثين". وتنتقد النقابة ذاتها "عدم أجرأة الاتفاقات السابقة مع المكتب الوطني (رفع حالة الاستثناء عن الأساتذة حاملي الدكتوراه الفرنسية، وملف الدرجة دال في إطاري أستاذ مؤهل وأستاذ التعليم العالي، والدرجة الاستثنائية في إطار أستاذ التعليم العالي)"، مطالبة ب"التسريع في حل النقط العالقة في الملف المطلبي للنقابة الوطنية للتعليم العالي (رفع الحيف عن الأساتذة الموظفين في إطار أستاذ محاضر واحتساب سنوات الخدمة المدنية...)".